/ صفحه 28/
الوحدة الإسلامية
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الجليل الشيخ محمد أبو زهره
وكيل كلية الحقوق بجامعة القاهرة
ـ 1 ـ
1 ـ إن من نافلة القول عند من يعرفون الحقائق الإسلامية أن نقول لهم إن المسلمين أمة واحدة، بل لعلهم يعدون ذلك من الفضول الذي لا يجوز الكلام فيه، لأنه بديهية من البديهيات المقررة في الإسلام، ولأنه أمر معلوم من الدين بالضرورة لا يماري فيه مؤمن، ولا ينبغي أن يجادل فيه مسلم، ولكننا في عصر غربة الإسلام، صارت حقائقه غريبة، حتى إنها في بيانها لتحتاج إلى استئناس لتزول غربتها، وتذهب وحشتها، بل نحن في حاجة إلى أن نبينها وندافع عنها غير وانين ولا متهاونين، وملابد أن تنفر منا طائفة تحمل الدعوة إليها، وتحث الناس عليها، فانه لا عزة للإسلام إلى بها، ولا قوة للمسلمين إلا بوجودها، إذ أن من المقررات الثابتة أن هذه الأمة لا يصلح آخرها إلا بما صلح به أولها، ولا تستطيع أن تعود إلى ماضيها العزيز الكريم إلا إذا أخذت بالأسباب التي قام عليها ذلك الماضي، وإنه لا عزة لهذه الأمة التي جمعها الإيمان إلا بأن تستمد من صدر تايخها قوة وإيمانا، ومن دينها الجامع بينها قوة وتثبيتا، وذلك يكون إذا تلاقت أقاليمها وآحادها على أمر جامع لا يتفرقون فيه ولا يختلفون.
2 ـ وإذا كنا قد أهملنا في الماضي فعلينا أن نستيقظ في الحاضر، وقد تأدى بنا إهمالنا إلى أن التهمنا ذئاب الإنسانية إقليما، إقليما، وأن صرنا نهباً مقسوماً بين الناس، يختلفون في أمرنا أو يتفقون، ونحن لا حول لنا ولا طول، يستشار أعداؤنا فينا، ونحن نترقب ما يفعلون مستسلمين غير مغيرين، يشحذون السيوف ونحن نرى بريقها ولا نحسب أنه تصوب إلينا أولا وبالذات.