/ صفحه 271/
إلى خراسان في سبيل إقامة الدولة العباسية، وأبو مسلم الخراساني حين ذاك تابع له، فتم الأمر للعباسيين، غير أن أبا العباس السفاح خالجه شك فيه زعما منه بميله للعلويين ـ والدولة في أول نشوئها ـ فأضمر له الغدر، وإن كفت يده عن الفتك به صنائعة الحسان التي لا تبلى، وكانت حديث الشعب الاسلامي فانتهز الحاقد عليه: أبو مسلم اضطغان السفاح فرصة سانحة، وبعث من قتلوه ليلا وهو عائد من سمر السفاح، فلم يغضب السفاح لما وقع بل تمثل شامتاً بقول الشاعر:
إلى النار فليذهب ومن كان مثله على أي شيء فاتنا منه نأسفُ
وما ساقنا إلى هذا إلا العبرة، وعبر الحياة لا تقف (1) وإن لم يكن هناك مدكر، فقد شرب أبو مسلم الخراساني الكأس الذي سقاه أبا سلمة من أبي جعفر المنصور (فكما تدين تدان).
3 ـ كتاب تاريخ الإسلام ومصر الإسلامية للسنة الثالثة الإعدادية جاء في الصفحة الخامسة والستين ما يذكر:
" الخلافة العباسية بعد الرشيد ـ وعهد الرشيد قبل وفاته سنة 193 هـ بولاية العهد إلى ثلاثة من أبنائه، وهم على التوالي: محمد الأمين وأمه هاشمية عربية، وعبد الله المأمون وأمه فارسية، والقاسم الذي تلقب فيما بعد بالمعتصم وأمه تركية، وأوصى الرشيد بتقسيم إدارة الدولة بين هؤلاء الإخوة الخ ".
في هذا البيان خلط مجانف للواقع فيما يتعلق بالقاسم وهو الثالث من الأبناء أولياء العهد، وذلك في أمرين: لقبه وجعله المعتصم.
أما اللقب المعروف فأنه: المؤتمن، ومن جهة أخرى فحسن الانسجام باد بين محمد الأمين وعبد الله المأمون والقاسم المؤتمن، وإن ملك الرشيد إثبات القاسم في الولاية وخلعه للمأمون، لأن المأمون كان ملئ عين الرشيد تفرس فيه أنه الذي سيحفظ المجد العباسي، ولو لا حظوة الأمين بأمه الهاشمية لقدمه عليه. وفي كتابة ولاية العهد يقول عبد الملك بن صالح:
ــــــــــ
(1) مقتل أبي سلمة في الكامل لابن الأثير (4: 336) الطباعة المنيرية ووفيات الأعيان (1: 446) مطبعة السعادة.