/ صفحه 192/
على اللغة، ولو قلت المدة، وقل الاتصال فيها بالأعاجم.
ومن مخالف لذلك، مشترط الاقامة وكثرة الاتصال من غير بيان الطول والكثرة. ومن ثالث يقول إن ذلك مشروط بإهمال الفصحفى وبالهاون فيها تهاونا تظهر آثاره بانتشار اللحن وذيوع الخطأ في ذلك المصر. ومن رابع يرى أن الخطر المتوقع لم يتحق إلا بعد قرن للهجرة. ومن مخالف يحدد لذلك قرنين... أو ثلاثة... أو.....
آراء متنافرة، وخلف واسع؛ له أثره العميق في اللغة؛ مادتها، " ونحوها " وسائر فروعها. فلك يكن غريبا بعد هذا أن نسمع الراوية اللغوي الكبير أبا عمرو بن العلاء يقول (1): " لقد حسن هذا المولد؛ حتى هممت أن آمر صبياننا بروايته، يعني بذلك شعر جرير، والفرزدق. فجعله مولداً فالاضافة إلى شعر الجاهلية والمخضرمين. وكان لا يعد الشعر إلا ما كان للمتقدمين. قال الأصعمي جلست إليه عشر حجج؛ فما سمعته يحتج ببيت إسلامي. وسئل عن المولدين فقال: ما كان من حسن فقد سبقوا إليه، وما كان من قبيح فهو من عندهم ليس النمط واحدا. هذا مذهب أبي عمرو وأصحابه كالأصمعي. وأبن الأعرابي. أعنى أن كل واحد منهم يذهب في أهل عصره هذا المذهب. ويقدم من قبلهم. وليس ذلك لشيء إلا لحاجتهم في الشعر إلى الشاهد، وقلة ثقتهم بما يأتي به المولدون. ".
ولم يكن غريبا كذلك أن نرى الأصمعي لا يحتج بشيء من شعر الكميت. والطرماح ويعدهما مولدين (2). ويتحدث عن نفسه قائلا " أقمت بالمدينة زمانا، ما رأيت بها قصيدة واحدة صحيحة، إلا مصحفة، أو مصنوعة. وكان بها ابن دأب يضع الشعر، وأحاديث السمر، وكلاما بنسبه إلى العرب؛ فسقط.

ــــــــــ
(1) ما يأتي منقول من كتاب العمدة ج 1 ص 57 ومن المزهر ج 2 ص 304.
(2) المزهر ج 2 ص 254 الطبعة القديمة.