/ صفحه 189/
القرآن، ما يرجع إليه الكلام، وما هو عاقبته سواء أكان ذلك ظاهراً يفهمه العارف باللغة العربية، أم كان خفيا لا يعرفه إلا الراسخون في العلم.
وأما التنزيل فهو أيضا مصدر مزيد فيه، وأصله النزول، وقد يستعمل ويراد به ما نزل. ومن هذا القبيل إطلاقه على القرآن في آيات كثيرة. منها قوله تعالى: (إنه لقرآن كريم. في كتاب مكنون. لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين) (1). على ما ذكرناه فليس كل ما نزل من الله وحيا يلزم أن يكون من القرآن فالذي يستفاد من الروايات في هذا المقام أن مصحف علي (عليه السلام) كان مشتملا على زيارات تنزيلا أو تأويلا. ولا دلالة في شيء من هذه الروايات على أن تلك الزيادات هي من القرآن. وعلى ذلك يحمل ما ورد من ذكر أسماء المنافقين في مصحف أمير المؤمنين (عليه السلام) فإن ذكر أسمائهم لابد وأن يكون بعنوان التفسير. ويدل على ذلك ما تقدم من الأدلة القاطعة تأبى ذلك، فإن دابة على تأليف قلوبهم، والأسرار بما يعلمه من نفاقهم، وهذا واضح لمن له أدنى اطلاع على سيرة الني (صلى الله عليه وآله وسلم) وحسن أخلاقه، فكيف يمكن أن يذكر أسماءهم في القرآن، ويأمرهم بلعن أنفسهم، ويأمر سائر المسلمين بذلك ويحثهم ليلا ونهاراً، وهل يحتمل عاقل حتى ينظر في صحته وفساده، أو يتمسك في إثباته بما في بعض الروايات من وجود أسماء جملة من المنافقين في مصحف علي (عليه السلام) وهل يقاس ذلك بذرك أبي لهب المعلن بشركه، ومعاداته للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع علم النبي بأنه يموت على شركه. ننعم لا بعد في ذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أسماء المنافقين لبعض خواصه كأمير المؤمنين (عليه السلام) وغيره في مجالسه الخاصة.
وحاصل ما تقدم: أن وجود الزيادات في مصحف علي (عليه السلام) وإن كان صحيحا إلا أن هذه الزيادات ليست من القرآن، ومما أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بتبليغه إلى الأمة، فإن الالتزام بزيادة مصحفه بهذا النوع من الزيادة قول بلا دليل، مضافا إلى أنه باطل قطعا. ويدل على بطلانه جميع ما تقدم من الأدلة القاطعة عدم التحريف في القرآن.
ــــــــــ
(1) الواقعة 56: 77 ـ 80.