/ صفحه 188/
قال: ما يسطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن كله، ظاهره وباطنه غير الأوصياء (1) وبأسناده عن جابر. قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب، وما جمعه وحفظه نزله الله تعالى علي أبن أبي طالب والأئمة من عبده (عليه السلام) (2).
والجواب عن ذلك: أن وجود مصحف لأمير المؤمنين (عليه السلام) يغاير القرآن الموجود في ترتيب السور مما لا ينبغي الشك فيه، وتسالم العلماء الأعلام على وجوه أغنانا عن التكف لإثباته، كما أن اشتمال قرآنه (عليه السلام) على زيادات ليست في القرآن الموجود وإن كان صحيحا، إلا أنه لادلالة في ذلك على أن هذه الزيادات كانت من القرآن، وقد أسقطت منه بالتحريف، بل الصحيح أن تلك الزيادات كانت تفسيراً بعنوان التأويل وما يؤول إليه الكلام، أو بعنوان التنزيل من الله شرحاً للمراد، وأن هذه الشبهة مبتنية على أن يراد من لفظي التأويل والتنزيل ما اصطلح على بيان المراد من اللفظ حملا له على خلاف ظاهره، إلا أن هذين الاطلاقين من الاصطلاحات المحدثة، وليس لهما في اللغة عين ولا أثر ليحمل عليهما هذان اللفظان: (التنزيل والتأويل) متى وردا في الروايات المأثورة عن أهل البيت (عليهم السلام).
وإنما التأويل في اللغة صدر مزيد فيه، وأصله الأول بمعنى الرجوع ومنه قولهم: (أوِّل الحكم إلى أهله أي رده إليه). وقد يستعمل التأويل ويراد منه العاقبة. ما يؤول إليه الأمر. ومنه قوله تعالى: (ويعلمك من تأويل الأحاديث) (3) وقوله تعالى: (نبئنا بتأويله)(4) وقوله تعالى: (هذا تأويل رؤياي)(5). وقوله تعالى: (ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا)(6) وغير ذلك من موارد استعمال هذا اللفظ في القرآن الكريم. وعلى ذلك فالمراد بتأويل
ــــــــــ
(1) الوافي.
(2) الوافي ج 2 كتاب الحجة باب 36 ص 130.
(3) يوسف يوسف 12: 6.
(4) نفس السورة: 36.
(5) نفس السورة: 100.
(6) الكهف 18: 82.