/ صفحه 183/
حتى هب أفراد الشعب اليمني ملبين لدعوة إمامهم، فحملوا السلاح وحاربوا الحاميات التركية حيث وجدت؛ ثم تجمعت الجيوش العربية اليمنية حول صنعاء ـ وكانت تعسكر فيها أكبر حامية تركية باليمن ـ فحاصروها حصاراً شديداً حتى اضطر الاتراك فيها إلى التسليم بعد حصار دام ما يقرب من ستة أشهر.
وبعد أن استمرت الحرب سجالا بين الفريقين عدة سنوات اضطرت الحكومة التركية إلى تسوية المسألة تسوية ودية بعقد صلح مع الإمام يحفظ لشعب اليمن العربي حقوقه، وهو الصلح المعروف بصلح دعان، الذي عقد في ذي القعدة من سنة 1329 هـ/ وفي نوفمبر من سنة 1911 م. فحصل الإمام بهذا الصلح لليمن على الاستقلال الداخلي. ثم تتابعت الحوادث، ووقعت الحرب الكبرى الأولى، واستقل اليمن استقلالا تاماً في سنة 1337 هـ/ سنة 1918 م بعد انتهاء الحرب وانسحاب الجيوش التركية التي كانت محاصرة باليمن أثناء الحرب. وتأكد هذا الاستقلال، وصودق عليه، واعترف به دولياً في سنة 1341 هـ/ سنة 1924 م، في الدورة الثانية لمؤتمر الصلح الدولي الذي عقد في " لوزان " لتسوية المسائل التي كانت لم تسو بعد بين الأتراك والخلفاء. ولقد حافظ الإمام يحيى على استقلال اليمن ونماه إلى أن لقى ربه في ربيع الثاني من سنة 1367 هـ/ وفي فبراير سنة 1948 م أثناء حوادث الثورة اليمنية المعروفة.
وفي هذه الفترة الطويلة من حكم الإمام يحيى حميد الدين ـ وهي تقرب من نصف قرن ـ استطاع رحمه الله أن يبعث دولة اليمن الزيدية من جديد، وأن يجدد لها قوتها ونشاطها، وأن ينتزع لها استقلالها ويعيد لها وحدتها. ولقد كان العمل للوحدة والدعوة إلى ضم الصفوف هو الطابع المييز لسياسة الإمام التي سار عليها أثناء حكمه، فإننا نجد أنه عمل منذ البداية، وعقب البيعة له بالامامة مباشرة على أن يوحد صفوف اليمنيين، ويجعل منهم قوة موحدة ليدفع بها العدوان وليحرر اليمن من الحكم التركي الظالم؛ فقد توحدت القبائل اليمنية على يده، وتوحدت بلاد اليمن واستقلت، وابتدأت نهضتها الحديثة.