/ صفحه 179/
وعلى سلامة الوحدة بين المسلمين، حرصه على مبادئ الإسلام التي بعث بها جده محمد عليه الصلاة والسلام، تلك المبادئ السمحة التي كفلت الحرية للناس في أنفسهم وفي عقائدهم وآرائهم. والتي آخت بين العرب والمسلمين فاصبحوا بنعمة الله إخوانا.
* * *
وفي هذا الاتجاه نفسه سار الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين مؤسس الدولة الزيدية باليمن، وناشر ألوية المذهب الزيدي الهادوي في ربوعها، فإنه بعد أن دعى من رؤساء قبيلة خولان ليؤسس الدولة الزيدية باليمن ذهب إلى هذه البلاد واستقر بها في المرة الثانية سنة 284 هـ (897 م)، في هذا الوقت الذي كانت فيه أحوال الخلافة العباسية قد اضطربت، والسلطة المركزية في بغداد قد ضعفت، والذي كانت فيه أحوال اليمن أشد اضطراباً من غيرها من الأقطار الإسلامية لبعدها عن مركز الخلافة وانقطاعها عن مقر الحكم، ولكثرة المتطلعين فيها إلى الحكم والسلطان والمتنافسين على النفوذ، من أمثال بني زياد في زبيد. وآل ابن يعفُر الحُوالي في صنعاء وشِبام وكوكبان، وآل المناخي في مُذَيْخره وبلاد الجَند، وآل الضحاك في بلاد حاشد وغيرهم في بلاد اليمن الأخرى.
ولقد كانت منطقة صعدة في جهات اليمن الجبلية الشمالية ـ حيث تسكن قبيلة خولان وحيث نزل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين، أكثر بلاد اليمن في الاضطراب والفوضي، منقطعة الصلة تقريبا بدولة الخلافة العباسية وبعمالها في اليمن؛ كما أن سكانها من خولان ومن يتصل بهم لم يتفقوا فيما بينهم على اختيار زعيم منهم ليقوم بمهمة الحكم فيهم، بمثل ما فعل غيرهم في المناطق اليمنية الأخرى.
فلما وصل الهادي إلى الحق إلى هذه المنطقة في تلك الظروف القاسية أيقن أنه سوف لا ينجح في مهمته في الحكم وفي إقامة دولة زيدية ثابتة الأركان متينة البنيان باليمن ـ إلا إذا نجح في توحيد الصفوف وجمع الكلمة، وفي القضاء على أسباب الخلاف واجتثانها من جذورها؛ فكان عليه فور وصوله أن يعني أولا