/ صفحه 154/
أو جلد هل هو مذكى أو ميتة ولا يد عليه لمسلم؟ وجب عليك الاجتناب عن ذلك كله عملا بأصالة التحريم في المواد الثلاثة الأولى، وأصالة عدم التذكية في الأخير، وجب الاجتناب حتى يثبت الحل والجواز، فأصالة الاباحة إلى أن يثبت التحريم تجري في غير هذه الموارد، أما فيها فتجري إصالة التحريم إلى أن تثبت الإباحة (1).
وبالتالي، فإن غرضي الوحيد من هذا المقال أن أبين أن تعاليم الإسلام وأحكامه ترتكز على أساس الطهر والنبل في الإنسان، وأنه خير بطبعه، ولا يخرج عن الطريق القويم إلا لسبب عارض، فكما أن جسم الإنسان يوجد ـ في الغالب ـ مستوى الخلقة تام الأعضاء، وأن الأعمى والأعرج، ومن إليهما شاذ خارج عن الأصل فكذلك يفترض الإسلام السلامة في نفس الإنسان وضميره، وأنه يتجه بفطرته وطبيعته في الطريق المرسوم له، ولا يخرج عنه إلا الأمر عارض. وقد أكدت الآيات والأحاديث هذه الحقيقة، فمن الآيات " وقولوا للناس حسنا... اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ".
ومن الأحاديث " إن المؤمن لا يتهم أخاه، وإذا اتهمه انماث الإيمان في قلبه انمياث الملح في الماء ". وقال الإمام علي (عليه السلام): ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يقلبك عنه، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا، وأنت تجد لها في الخير سبيلا.

ــــــــــ
(1) رسائل الشيخ الانصاري، وحاشية الشتياني، وتقريرات الخراساني للمرزا النائيني باب البراءة. وقال النائيني: ينقلب الأصل أيضا في صورة ما لو رأينا ماءا، ولم نعلم هل هو كر أو أقل، ولاقته النجاسة فيجب والحالة هذه، البناء على النجاسة، ولا يجوز الأخذ بقاعدة " كل شيء طاهر حتى نثبت النجاسة ". لما جاء في الحديث " إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شيء. ومعنى هذا أنه إذا لم نحرز كرية الماء ولاقته النجاسة فلا نرتب عليه آثار الطهارة.