/ صفحه 145/
لقاء الأعداء، ولكن في ضرب الأخوة من أهل الإسلام، ولم يجد الصليبيون في القرن السادس من يقاومهم، فانقضوا على الأرض، واقتطعوها، ولم تقف في وجههم إلا آخر الدولة السلجوقية، ثم تولى من بعدهم صلاح الدين الأيوبي وجمع شمل البلاد الإسلامية المتقاربة.
11 ـ ولم تلبث الدولة التي جمعها أن تفرقت من بعدها، وتقطعت أوصالها حتى انقض التيار كالصخرة من أعلى الصين إلى البلاد الاسلامية، فتجمعت البلاد العربية المتقاربة، وردتهم، وفلت حدتهم، وخضدت شوكتهم.
وهكذا استمر التاريخ في سيره نحو التفريق، والاجتماع النسبي عند الشدة، وما دمنا قد صرنا في وسط الكتل المتجمعة عند الشرق والغرب، وكل كتلة تريدنا لها تبعاً ولا تريدنا جمعا منفصلا له كيانه، وقد تبين من تاريخنا وديننا وجوب اجتماعنا، فلابد أن نجتمع، وإذا كان بعض أسباب التفريق ما ذكرنا، فأول أسباب الاجتماع إزالة أسباب الافتراق، بعد العهد به، وما جد في عهدنا، ففي الماضي كانت حوزات الملوك هي تفرق الوحدة، وفي الحاضر يفرق الوحدة هذه الحوزات إلى حد ما، وتلك الآراء المنحرفة التي يلقننا إياها الغربيون، واتبعها بعضنا، وأكد التفرق في الحاضر جهل كل شعب إسلامي حال غيره من الشعوب الإسلامية.
12 ـ ولذا نرى أول خطوات الوحدة من الناحية العملية ينحصر في أمور ثلاثة:
أولها: التوحيد الفكري والنفسي بين الشعوب الإسلامية في ظل هيئة علمية تجمع الفكر الاسلامي وتقف على دراسته في ماضيه، وتعني بتعرف الأحكام الشرعية لما يجد في شئون الحياة، والقرب ما بين الطوائف الإسلامية.
وثانيها: العمل على منع النزاع بين الأقاليم الإسلامية.

وثالثها: أن يعرف المسلمون أنفسهم، وذلك بلغة جامعة بينهم، هي لغة القرآن والسنة وهي العربية، فإحياؤها إحياء للوحدة وتعميمها تعميم لها، والله في عون الجميع.