/ صفحه 93/
وعادة الجرائد - هذه أشياء عادية عند هؤلاء وهي غير عادية عندنا.
أذكر أن إحدى هؤلاء وكانت بلجيكية تحدثت بمحض اختيارها مع قرينتي بعد أن أنهت عملها الذي استغرق ساعتين - تحدثت حوالي نصف الساعة، فلما همت بالخروج أردنا أن ندفع لها حساب يومها عندنا فطالبتنا على الفور بأجرها عن نصف الساعة الزائد، فلما ذكرناها أن عملها كان ساعتين فقد بادرتنا بقولها ((ولكني تعطلت بسبب الكلام مدة نصف ساعة أخرى)) ومع أننا لم نطلب إليها الكلام فقد دفعنا صاغرين الحساب عشرة قروش بدل ثمانية، وإني لا أنسى هذا الحادث وقد عشت أذكر أنهم هناك يأخذون الأجر حتى على الكلام.
حدث مرة أن قفل دولاب من تلك الدواليب المبنية في الحوائط، ووقع المفتاح داخل هذا الدولاب - فأحضرت من دكان قريب عاملا تخصص في فتح مثل هذه الأبواب، حضر معي ومعه سلسلة من المفاتيح معلقة في رقبته، ولما أن أنهى عمله في بضع ثوان ناولته أجره الذي قدره بستة فرنكات وكانت تساوي في ذلك الوقت ستة قروش وما إن هم بالخروج حتى لا حظنا أننا قد نسينا بابا آخر مقفولا أيضا في الغرفة المجاورة يحتاج إلى هذا العامل، فلما رجوته في هذا قال إن أجره ستة قروش أخر فقلت له هذا أجرك للباب الواحد لأنك تركت حانوتك وصعدت الدرج وأضعت وقتا في الذهاب ومثله في الإياب. أما الآن فإنك موجود والعملية لا تستغرق إلا بضع ثوان، ولكنه أبى وما كان مني إلا أن ناولته ستة قروش أخرى وفتح الباب.
* * *
هذه هي الحالة التي يعيش عليها خدمهم، وهذه عقلية المواطنين في بلادهم رأينا ذلك في فرنسا وأكثر منه في انجلترا وسويسرا وغيرها من بلاد أوروبا، تلك البلاد التي تحتاج إلى بترولنا فسيطرت عليه وتود الآن أن تسيطر على ممراته لتتم لها السيطرة كاملة.
لقد تعودوا أن يأخذوا حقوقهم كاملة ولكنهم تعودوا في الوقت ذاته