/ صفحه 83/
هل فيها ما يدل على حصر طرق الإشهاد في طريقين لا ثالث لهما، أو ليس فيها ذلك؟ فالذين يقولون: لا يجوز الحكم بالشاهد واليمين، يرون أن الآية حصرت الأمر في الطريقين، لأنها ذكرت الطريق الأول. ثم بينت أنه في حال عدم إمكانه فالإنتقال يكون إلى الطريق الثاني، ولو كان هناك ثالث لبينته، إذ المقام مقام بيان، والاقتصار في مقام البيان يفيد الحصر - أما الذين يرون الحكم بالشاهد واليمين فيقولون لا حصر في الآية، لأن المقام ليس مقام بيان كل ما يصح الحكم به وإنما هو بيان أن هذين الطريقين كلاهما صالح، وأنه لا يشترط الرجلان، بل يمكن الانتقال منهما إلى طريق آخر.
هذا، وفي ضوء ما رجح - من أن الآية ليست في الاستشهاد الذي يطلبه القضاة للحكم، وإنما هي في التحمل وإرشاد أصحاب الحقوق إلى التماس ما يثبتون به حقوقهم - نستطيع أن نقرر أن ما جاءت به السنة لا يعارض الآية، وأن الآية إنما ترسم لأصحاب الحقوق وهم بصدد حفظ حقوقهم أهم الطرق للاستشهاد عند التعامل، والمتعاملان حينئذ في سعة ويستطيعان أن يستشهدا رجلين، أو رجلا وامرأتين، وشتان بين هذا الظرف وظرف التقاضي، فقد يكون أحد الرجلين مات، أو إحدى المرأتين مثلا، فهل يضيع حق صاحب الحق مع إمكان إثباته بشاهد ويمين كما قضت بذلك السنة؟
2 الاختلاف في الأحاديث من جهة الرواية، وفي المعنى الذي تفيده، فقد طعن المانعون في الأحاديث التي استدل بها المثبتون، ثم أولوا معانيها أو حاولوا هذا التأويل فلم يوفقوا في نظر مخالفيهم.
3 القاعدة التي يقول بها الحنفية ليست صالحة للتطبيق هنا، لأن الزيادة إنما تكون نسخا إذا كانت معارضة للأصل رافعة لحكمه، أما إذا أضافت فلا تكون ناسخة، ثم هي قاعدة غير مسلمة في نفسها، فإنه قد ثبت بالسنة أشياء كثيرة زيادة على ما في القرآن، مثل تحريم نكاح المرأة على عمتها، ومثل قطع رجل السارق العائد، ومثل التحريم بالرضاع لكل ما يحرم من النسب، وقد زاد الحنفية