/ صفحه 61/
من زلاّت المستشرقين
لحضرة السيد الأستاذ عبدالوهاب حمودة
يراد بكلمة المستشرقين كل من تجرد من أهل الغرب إلى دراسة بعض اللغات الشرقية كالفارسية والتركية والهندية والعربية وتقصى آدابها طلباً لمعرفة شأن أمة أو أمم شرقية من حيث أخلاقها وعاداتها وتاريخها وديانتها أو علومها وآدابها إلى غير ذلك من أسباب رقي الأمم وحياتها العقلية.
وأول عهد الغربيين بالاستشراق يرجع إلى القرن العاشر الميلادي. ذلك أن القوم لما شهدوا ما بلغه المسلمون من حظ عظيم في العلوم الطبيعية والطبية والرياضية والفلكية وغيرها من علوم الحياة، وبهرهم ما رأوا من آثارها في ازدهار حاضارتهم، انبعثوا في طلبها وتقليب النظر فيها والانتفاع بقضاياها، يترجمون ما يقع لهم من الكتب العربية(1) في حياتهم العملية، فأقبلوا على دراسة العربية ليتهيأ لهم ما طلبوا، ثم جعلوا يترجمون ما يقع لهم من الكتب العربية في تلك العلوم إلى اللاتينية التي كانت لغة العلوم والآداب في ذلك الزمان.
ولقد ظلت هذه الحركة مشبوبة طوال القرون الوسطى، تتنافس فيها الأمم وتتبارى الدول. وشاعت في القرون الوسطى لغتان فقط من لغات الشرق بين العلماء، وهما: اللغة العبرية التي كانت تعتبر لغة الإنسان الأول، واللغة العربية التي كانت مهمة لكثرة البشر الذين يتكلمون بها، ولشهرة فلاسفة الإسلام،
*(هوامش)*
(1) تلك اللغة كانت لغة العلوم للمسلمين في تلك الأزمنة.