/ صفحه 47/
حياة بغير مُثُل
حياة الحيوان
للسيد الأستاذ الدكتور محمد البهي
أيسعى الإنسان ليعيش؟
أو يعيش الإنسان ليحيا؟
سؤال وضع لتحديد طبيعة الإنسان، أو بالأحرى لتحديد الظاهرة المسيطرة على طبيعته بوجه خاص. ففي الإنسان غريزة السعي والكفاح. بجانب غريزة العيش وحفظ البقاء. فيه استعدادان فطريان قامت عليهما ذاته ككائن متميز عن غيره من الكائنات الحية. فأي استعداد منهما هو السابق في توجيه الإنسان، أو هو الذي يجب أن يسبق الآخر ويسيطر على التصرف والسلوك الإنساني؟
كلا الاستعدادين أو كلتا الغريزتين أساس في الإنسان. أما غريزة السعي فتبدو حين ينتقل الإنسان بكفاحه من مرحلة انتهى منها إلى مرحلة أخرى بعدها، ومن رغبة تحققت إلى رغبة أخرى تالية يحاول تحقيقها كذلك. فلا يقف سعيه عند حد معين لأن أمله في الحياة غير مؤقت، وكذلك غير منقطع. وطالما كان له أمل فعنده سعي وكفاح، وطالما كان أمله لا ينتهي فسعيه لا ينتهي كذلك. وبهذا كان السعي في الإنسان غريزة، أي صفة طبيعية لازمة وكان الأمل عنده باعثاً لغريزة السعي فيه ومحركا له نحو تحقيقه.
وأما غريزة العيش أو حفظ البقاء فمظهرها في الإنسان كفرد يتجلى في تحصيل الغذاء والملبس والمسكن والوقاية على العموم من أضرار الجسم، ويتجلى فيه كنوع في الزواج والنسل. وكل ما يحفظ على الإنسان حياته الشخصية أو النوعية أو يدفع عنه أسباب انقطاع الحياة كشخص ونوع يتصل بغريزة العيش وحفظ البقاء.