/ صفحه 41/
وغني عن البيان أننا سنكون حين ذاك، أمة موصولة الحياة، يرتبط حاضرنا بماضينا، وهذا له قيمته في كرامة الأمم، وصفاء جوهرها، وتوحيد أحاسيسها ومشاعرها، واتجاه وحداتها كلها اتجاهاً تصاعدياً نحو الهدف الحيوي…
ولعل ما قام به من قبل، الأمبراطور ((جستنيان)) الروماني في تدوين القانون، على ما بين العملين من فروق في الأسباب والنتائج - يعطينا فكرة واضحة، عما ينبغي أن يكون عندنا من الحافز القوي، نتيجة للقيمة القيمة للثمر المرتقب … فأين القانون الروماني من القانون الإسلامي …
لقد وضحت الضرورة الملحة إلى الأحكام الفقهية الإسلامية، التي تزخر بها الكتب المطبوعة، والمخطوطات النفيسة، في المذاهب الأربعة وغيرها من المذاهب الإسلامية الصحيحة كمذهب الإمامية والزيدية ومذهب الليث بن سعد، وابن القيم وابن تيمية ومذهب ابن عباس ومعاذ بن جبل وغيرهم وغيرهم. ووضح كذلك أن طائفة من شيوخ الأزهر وأجلاء علمائه ومن نحا نحوهم في منهج البحث والدراسة والاستقصاء، لا تزال - لحسن الحظ - تعيش بيننا في هذا العهد الطيب، عهد الثورة الناهضة، … ووضح بعد هذا وذاك، أن النهضة الحالية أقرب رحماً وأحق صلة ورعاية لهذا التراث الإسلامي، وأنها - برعاية تراثها الفقهي - أولى من الرومان بالقانون، ووضح أخيراً أن البشرية في حالة إعواز وإقفار من الحلول السماوية، التي تظلل الناس بعدالة شاملة وإنسانية كاملة.
وبقي - نتيجة لهذا كله - أن نأمل في التنفيذ، بأية صورة من الصور، وحبذا لو يبادر ذوو الرأي وأولو الأمر فينا إلى إقامة ((مجمع فقهي)) من علماء الأزهر وغيرهم من المعنيين بدراسة الذخائر الفقهية في مختلف الأنحاء الإسلامية من رجال القانون وسواهم، لكى يقوم هذا المجمع بدوره في بعث الأحكام الإسلامية، الكامنة في كنوز الكتب، بعد صوغها في قالب مناسب للأفهام فيتسنى للناس - وللمسلمين بصفة خاصة - أن يتابعوا الخطى السليمة إلى الحياة العظيمة الكريمة. في ظلال الإسلام دين الإنسانية جمعاء. ((ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله))