/ صفحه 405/
وجود أحد العلمين من الدنيا وكفى به غمطا لعظيم، وإلحاق كل ما تناوله وخلفه من أدب وغيره إلى المترجم، وحسبك بهذا ظلما أي ظلم.
ولا ينبغى الاسترسال في إقدار هذا الشأن فإنه يحمل في طياته كبير شأنه وعظيم خطره - لأنه ينبغي العود إلى الحديث عن كل من مفردي المثنى في كلمة خاصة به لتجلي الحال فيهما.
ابن خروف النحوي:
لقد عنيت أغلب المعاجم المدونة بعده بترجمته، إذ توفي في السنة العاشرة بعد الستمائه هجرية، وقيل في التاسعة، بيد أن المعاجم المتقدمة منها كانت صادقة في التعريف به، لقرب عهدها به وتردد ذكره على الألسنة من المعاصرين المشافهين نقلا عن موتاهم في الأمس القريب دون حاجة إلى بطون الكتب التي قد تجمع ما صح وما أنكر، فحددت وفاته، وعينت البلد الذي كان فيه مثواه الأخير، بعد عرض مآثره التي تركها، أما المعاجم المتأخره فقد التاث عليها الأمر لبعد زمنها عنه، وضرورة تلمسها أنباءه من المعاجم المتقدمة، مع أنها لم تتخذ منها منارا للسبيل في أخباره، ولم تحاذها فيما أثبتت عنه، وقد تصادف في إبان قيامها بتسجيل ترجمته أن استفاضت أشعار ابن خروف الثاني، ودخلت الآذان فامتلأت منها الأسماع، وظن أصحابها أن هذه القصائد والقطعات لابن خروف الأول النحوي، إذ لم يتحرز واحد منهم عن هذا التلفيق والتخليط، فضموا ما سمعوه من شعر أو نثر إليه، زعما منهم أنه صاحبها، وترتب على ذلك التورط لزوما أن خالفت المتأخرة المتقدمة في وفاة وذهبت المعالم المشخصة لهما، وهكذا تخفي الحقائق إذا لم يبحث عنها، فتبقى مطمورة إلى حين الكشف إذا جدت ظروف تقتضيه وتستدعيه.
المراجع المتقدمة المستمد منها:
حقا إن المعاجم المتقدمة هي الجديرة باستقاء المعلومات عن النحوى منها، ومن أو ثقها فيما قرأت معجم الأدباء لياقوت الحموي، ووفيات الأعيان لابن خلكان،