/ صفحه 352/
العهد بالبيان، وتوعدهم على الكتمان، كما توعدهم على التحريف والتأويل، وسبيلهم في هذا العهد أن يذكروا للناس ما نصت عليه شريعته، وأن يجتهدوا في معرفة حكمه بالنسبةلما لم يرد به نص؛ فخيانة العهد إما بكتمان ما ورد، أو بالجمود وقبض الفكر عن بيان ما لم يرد، واقرأ في ذلك كله قوله تعالى: ((إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب، أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون، إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا، فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم)). وليس ما بينه الله في الكتاب خاصا بالأحكام الجزئية التي وردت أعيانها في الكتاب، كتحريم الخمر، وتحريم الزنا، ووجوب الصلاة والزكاة، وإنما يشمل ما بينه الله في الكتاب: ما ذكر في الكتاب على وجه الخصوص، وما ذكر في قواعد التشريع العامة التي تؤخذ من جملة المنصوص عليه في الكتاب، وعليه؛ فمن كتم الحق خوفا من الناس، أو طمعا فيهم فهو ملعون، ومن بدل حكم الله رغبة فيما عند الناس أو رهبة منهم فهو ملعون، ومن وقف عند حد المنصوص ولم يستخدم مواهبه في تطبيق القواعد التشريعية على ما جد من أحداث ونوازل وقال كفانا ما بين الأوائل، وأفسح بذلك المجال للطعن في الشريعة وأحكامها لمن يزعم قصورها عن أحكام ما يجد في العالم، وأنها بهذا الوضع، وبهذا الجمود تكون غير صالحة ألا لعصرها الذي نزلت فيه، وصرح بأحكام واقعاته ونوازله - من يقف هذا الموقف فهو في حكم الكاتم الملعون، وعلى العموم فلله كما قلنا عهود، وأعمها العهد الذي أخذه على الناس جميعا، أن يوحدوه، وألا يشركوا به شيئا، وأن يعملوا بشرائعه وأحكامه، وأن يقوموا بما تعاقدوا عليه من ارتباطات والتزامات على أساس من أحكام الله وشرعه ((يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)). ((وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا)). ((وبعهد الله أوفوا، ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون)).
الوصيةالعاشرة:
أما ألوصية العاشرة فهى الوصية العامة التي تتناول جميع أحكام الله وشرعه. وقد أطلق الله فيها على دينه وشرعه: كلمة: ((الصراط المستقيم)) وقال ((وأن هذا