/ صفحه 340/
إنها هي المجلةالتي استخفت من حولها الأحلام ولم تستخف والتي عصمها الله وصانها من أن تنافق،و تجامل على حساب الحق، والتي كرم الله وجهها أن تتجه إلا إليه، وأن تسجد إلا لجلاله وعظمته.
وأما أن هذه المجلةتسلك إلى دعوةالحق هذه خطة فريدة؛ فذلك بأنها التزمت خطة الإنصاف والمعدلة، وإحسان الظن، والتماس العذر، وأن تنصت إلى المخالف كما تنصت إلى الموافق، وأن تذكر أهل الأخوةفي الإيمان بأنهم أمة واحدة، أتباع رسول واحد، وكتاب واحد، وأن هدفهم الحق، لا هدف لهم سواه، وإن تعددت طرقهم إليه، وأنه يمكن للمختلفين أن يتفقوا، وللمتباعدين أن يقتربوا، متى صفت النفوس، واتجهت القلوب، وخرست ألسنة الناعبين المفرقين الذين ينفخون في النيران، ويحملون إليها الحطب وأنه إذا كان هناك كثير من صور الخلاف في الفروع؛ فإن هناك أصولا عليا في الإيمان وفي العلم، وفي قضايا العقل، يتفق عليها أهل القبلة، ويصدر عنها أهل الملة، وأنه يجب أن يتبادل المسلمون في مختلف شعوبهم ومذاهبهم ما لدى كل منهم من آراء، وأفكار، وعلم، واستدلال،و طرائق فهم،و وسائل استنباط، فالعلم لا يعرف الكلمة الأخيرة، والعالم لا يغلق على نفسه الأبواب، والمتطلب للحق يبحث عنه ويرحل إليه، فإن لم يرحل إليه، فلا أقل من أن يتطلع إلى مظانه وآفاقه.
فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله.
والحمدلله الذي أرانا شجرةالتقريب، وقد عمقت جذورها، وبسقت فروعها، وأينعت ثمارها، وأصبحت ذات ظلال وارفة. يفيء إليها أهل الحق، وينعم بها المؤمنون المخلصون، حيثما كانوا، في مشرق من الأرض أو مغرب، وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا إن شاء الله.