/ صفحه 303/
هذا حديث عن الدين، والفلسفة، والقانون في حياة الإنسان بوجه عام. ومنه يتبين أن الدين له مكانته الأولى في حياة الإنسان، وفي توجيه. إنه مصدر توجيه لايخضع لنقص((التحديد)) ولا لاحتمال، ((الخطأ)) ولا إلى وجود السلطله التنفيدية، ورقابتها المباشرة. ولذلك يقول الشيخ محمد عبده: ((فالناس متفقون على أن من الأعمال ما هو نافع، ومنها ما هو ضار، وبعبارة أخرى منها ما هو حسن، ومنها ما هو قبيح. ومن عقلائهم، وأهل النظر الصحيح، والمزاج المعتدل منهم، من يمكنه إصابة وجه الحق في معرفه ذلك. ومتفقون كذلك على أن الحسن ما كان أدوم فائدة، وإن كان مؤلما في الحال، وأن القبيح ما جر إلى فساد في النظام الخاص بالشخص، أو الشامل له ولمن يتصل به، وإن عظمت لذته الحاضرة. ولكنهم يختلفون في النظر إلى كل عمل بعينه، اختلافهم في أمزجتهم، وسجيتهم، ومناشئهم، وجميع ما يكتنف بهم. فلذلك ضربوا إلى الشر في كل وجه وكل يظن أنه: إنما يطلب نافعا! قالعقل البشرى وحده، ليس في استطاعته أن يبلغ بصاحبه ما فيه سعادته في هذه الحياة))(1).
ويقول أيضا:
((لهذا كله كان العقل البشري محتاجا في قيادة القوي الإدراكية، والبدنية، إلى ما هو خير له في الحياتين، إلى معين … وذلك المعين هوي النبي))(2).
ويقول كذلك في شأن الأمم:
((العقل وحده- في القانون - لا يستقل بالوصول إلى ما فيه سعادة الأمم، بدون مرشد إلهي. كما لا يستقل الحيوان في درك جميع المحسوسات بحاسة البصر وحدها؟ بل لابد معها من السمع لإدراك المسموعات مثلا. كذلك الدين هو حاسة عامة لكشف ما يشتبه على العقل من وسائل السعادات. والعقل هو صاحب السلطان في معرفة تلك الحاسة، وتصريفها فيما منحت لأجله، والإذعان لما تكشف له من معتقدات، وحدوث أعمال))(3).

*(هوامش)*
(1) رسالة التوحيد ص 48.
(2) رسالة التوحيد ص 51.
(3) رسالة التوحيد ص 82.