/ صفحه 284 /

قد سلف))(1)، أي حرم عليكم كذلك الجمع بين الأختين، ويقول الفقهاء في تعليل ذلك: ((إن الجمع بين الأختين يفضى إلى قطيعة الرحم، لأن العداوة بين الضرتين ظاهرة، وأنها تفضى إلى قطيعة الرحم، وقطيعة الرحم حرام، فكذا ما يفضى إلى هذه القطيعة))(2)، ويشير الكتاب الكريم في هذه الآية بقوله: ((إلا ما قد سلف، إلى أن هذا الجمع كان جائزا عند بعض قبائل العرب في الجاهلية.
ويحرم كذلك بإجماع فقهاء المسلمين الجمع بين المرأة وبنتها، لأن السبب الذي من أجله حرم الجمع بين الأختين، وهو الإفضاء إلى قطيعة الرحم، متوافر في الجمع بين المرأة وبنتها، بل إن توافره في الجمع بين المرأة وبنتها أبلغ من توافره في الجمع بين الأختين ((لأن قرابة الولاد أقوى من قرابة الأخوة، ولأنها مفترضة الوصل بلا خلاف))(3).
ويحرم كذلك عند معظم فقهاء المسلمين أن يجمع الرجل بين امرأة وذات رحم محرم منها، أي بين امرأتين لو كانت إحداهما رجلا لايصح له التزوج من الأخرى كالجمع بين المرأة وعمتها أو بين المرأة وخالتها، وقال عثمان البتّى: ((الجمع فيما سوى الأختين وسوى المرأة وبنتها ليس بحرام؛ واحتج بقوله تعالى: ((وأحل لكم ما وراء ذلكم)) ذكر المحرمات، وذكر فيما حرم الجمع بين الأختين، وأحل ما وراء ذلك، والجمع فيما سوى الأختين لم يدخل في التحريم،فكان داخلا في الإحلال، إلا أن الجمع بين المرأة وبنتها حرم بدلالة النص لأن قرابة الولاد أقوى))(4). ويستدل عامة الفقاء على تحريم هذا النوع من الجمع بدليلين: أحدهما: دليل عقلي وقياسي وهو توافر السبب الذي من أجله حرم الجمع بين الأختين، وبين المرأة وبنتها، وهو الإفضاء إلى قطيعة الرحم؛ والآخر: دليل نقلي، وهو ما روي عن أبي هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تنكح

*(هوامش)*
(1) سورة النساء آيه 23.
(2) بدائع الصنائع للكاساني، الجزء الثاني، ص 262.
(3) المرجع السابق.
(4) المرجع السابق.