/ صفحه 263/
له ما يقابله عندهم، ولحركته - وهي الفتحة - حرف فرعي يشتبك بذيل الأصلي تماما ويرتبط به، وللميم حرف أصلي يقابله هناك، ولحركتها - وهي الكسرة - حرف فرعي يتصل بالمقابل مباشرة، وكذلك العين وباقي الكلمات، فإذا كنا في كلمة: سمع، نكتب السين وفوقها الفتحة الضابطة لحركتها، المعينة لها فإنهم يكتبون الحرف الأصيل الذي يقابل عندهم السين أولا، ويكتبون بدل الفتحة المنفصلة حرفا فرعيا يدل عليها ويتصل بآخر ذلك الحرف الأصيل كما سبق، وإذا كنا نكتب الميم وتحتها الكسرة فإنهم يكتبون ما يقابل الميم من حرف أصيل عندهم، ويصلون بآخره حرفا فرعيا يغني عن الكسرة، ويكتبون بدل العين حرفا أصليا وبدل الفتحة التي فوقها حرفا فرعيا متصلا بالأصيل … وهكذا سائر الألفاظ ما ذكر منها وما لم يذكر.
ومما سبق يتضح أن الكتابة اللاتينية كالكتابة العربية كلاهما يتألف من حروف أصيلة، ومن حركات ضابطة لتلك الحروف، مميزة لها، بيد أن هذه الحركات في العربية رموز تستقل بنفسها، وتنفصل عن حروفها، وتستقر فوقها أو تحتها، لكنها في اللاتينية لا تستقل ولا تنفصل، وإنما ترتسم بصورة حروف مشبوكة متماسكة، وهذه هي ناحية الفرق وبفضلها يقرأ القاريء فلا يخطيء، ولا يحتاج إلىتفكر قبل البدء، لأن كل حرف من حروف الكلمة يتصل بحركته التي تلازمه وترتبط به ارتباطا وثيقا، فلا يقع الخطأ ولا التردد ولا البطء في قراءته، ولا يتطلب ذلك فهما سابقا ولا تمعنا في الإدراك، وتلك مزية لا مراء فيها، ولكنها مزية لم تفقدها العربية، ولم يغفل عنها السابقون من علمائنا العباقرة: فهى ليست إلا صورة من صور التشكيل وضبط الحروف المعروف عندنا منذ عشرات القرون، ولا فضل لها إلا في تشابك الحرف الأصلي مع حركته المصورة بصورة حرف فرعي متعلق بسابقه تعلقا تاما، فلو أننا ضبطنا الحروف العربية بالشكل الكامل لصارت قراءتها في يسرها وسهولتها وسرعتها كقراءة الكتابة اللاتينية سواء بسواء.