/ صفحه 257/
الزمان والمكان، ووصف الأحداث الناقلة والحركات المكملة، قصدا إلى التخييل والتصوير وانبعاث الحياة في كل شيء، قال:
أخبرّك الأنباء عن أم منزل تضيفتها بين العُذيب وراسب(1)
ولا بد أن الضيف مخبر أهله بما قد رآه أو مخبر صاحب
تلفعت في طَل وريح تلفُني وفي طِر مساء غير ذات كواكب(2)
إلى حيزبون توقد النار بعد ما تلفعت الظلماء من كل جانب
فما راعها إلا بغام مطية تريح بمحسور من الصوت لاغب(3)
تقول وقد قربت كوري وناقتي إليك فلا تذعر على ركائبي
وجنت جنونا من دِلاثٍ مناخة و من رجل عارى الأشاجع شاحب(4)
سرى في جليد الليل حتى كأنما تخزم في الأطراف شوك العقارب(5)
وردت سلاما كارها ثم أعرضت كما انحازت الأفعى مخافة ضارب
فقلت لها لا تفعلي ذا براكب أتاك مصيب ما أصاب فذاهب
ولما تنازعنا الحديث سألتها من الحى؟ قالت معشر من محارب
من المشتوين القد مما تراهم جياعا، وريف الناس ليس بناضب(6)
فلما بدا حرمانها الضيف لم يكن على مناخ السوء ضربة لازب(7)
*(هوامش)*
(1) العذيب: ماء، راسب: أرض.
(2) طرمساء: لليلة مظلمة.
(3) أراح: تنفس، رجعت إليه نفسه بعد الإعياء، محسور: ضعيف، لاغب: تعب.
(4) دلاث: ناقة سريعة، الأشاجع: عروق ظاهر الأكف.
(5) في القاموس: تخزم الشوك في رجله: شكها ودخل.
(6) في الديوان بعد هذا البيت: أي مما تراهم كثيرا، وإن شئت جعلته مصدرا، أي من رؤيتك إياهم جياعا، قال: وريف الناس ليس بناضب، أي ليس لهم من العز ما يوجهون به إلى الريف فيمتاروا، يقول: ليس عندهم خير، وإن كان الريف منهم قريبا.
(7) ليس هذا ضربة لازب: ليس بثابت لازب، وقالوا: ضربة لازم أيضا.