/ صفحه 154/
قلت الحديث ذو شجون وما كنت لأقتحم الأمور اقتحاما.
قال: بل أقحمتها إقحاما ولو لم تفعل لكان لك فيما نحن فيه سبح طويل.
قلت: ليت شعري فيم السبح؟
قال: في تأبط شرا وشئونه مع أمه مثلا:
قلت: فقد عرفنا خبره معها وكيف صاد لها الأفاعي وتأو بتها فقيل تأبط شرا.
قال: فهذا أحد شئونه معها …. والظاهر أنها كانت حسناء فاتنة إذ اجتذبت بعد موت أبي تأبط شرا زيرا كبيرا هو ((أبو كبير الهذلي)).
قلت: ولكنها سخرت منه وأغرته بابنها أن يقتله فتحل له من بعده فأما وهو حي فلا. وهي إنما تكيد لأبي كبير مستيقنة إنه لو استبيح دم فلن يكون إلا دمه دم ذلك الذي تجرأ فطمع في أم فتى فتيان فهد وينجو أبو كبير وما كاد ينجو في ليلة ليلاء تبين له فيها أن في الدنيا فتيانا لايجوز أن تتزوج أمهاتهم بعد آبائهم.. وتمضي الأيام ويقتل تأبط شرا ويمتد بأبي كبير العمر حتى تشرق رسالة الإسلام فيأتي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليسلم بشروط أو بشرط واحد هو أن يحل له الزنا، ويقنعه الرسول الأمين بأنه فاحشة وساء سبيلا وأنه مادام لا يرضاه لنفسه فخليق به ألا يرضاه لغيره.. وهنا سؤال.. ما ذا كان يعني أبو كبير بإحلال الزنا؟ أيعني إحلال الفجر أيا كان شخص الفاجرة التي تشركه في الجريمة أم تراه يعني الزنا كما يحده القانون الوضعي في مختلف البلاد المتمدنة. فنحن نعلم أن جريمة الزنا لا تتوافر عناصرها القانونية إلا أن يكون أحد الطرفين متزوجا على الأقل فلو قامت علائق فاجرة بين شخصين غير متزوجين فهما لا يزنيان في لغة القانون؟
قال: وماذا تراهما يفعلان في لغة القانون أتراهما يعالجان أعمال البر والإحسان؟ إنك لتخرف فتعتدي على حقي إن كان لابد أن يخرف أحدنا وإلا فإن زنى يزني زنى وزناء بالمد من الألفاظ المحدودة المعنى بل إن المادة نفسها قصيرة فأصحاب اللغة كصاحب القاموس المحيط مثلا لا يزيدون على أن يصرفوا زنى وزاني بمعناها ولا يعرفون أن الكلمة تعني شيئا آخر غير فجر سواء أكان الفاجران