/ صفحه 146/
حرصه على احترام الحياة لا يفرق بين أن يكون القاتل نفسه مسلما وكافرا، عاقلا أو مجنونا، بالغا أو صبيا: فتؤخذ الدية في القتل الخطأ من مال القاتل حتى لو كان كافرا أو مجنونا أو صبيا.(1)
وقد علل فقهاء الإسلام هذه الأحكام بما لا يدع مجالا للشك في أنهم ينظرون إلى القتل الخطأ نظرتهم إلى جرم يستأهل العقاب، وإليك مثالا ما يذكره الكاساني الملقب بملك العلماء في كتابه الشهير في مذهب أبي حنيفية، وهو: ((بدائع الصنائع)) في تبرير الكفارة في هذا القتل إذ يقول: ((لأن فعل الخطأ جناية، ولله تعالى المؤأخذة عليه بطريق العدل، لأنه مقدور الامتناع بالتكلف والجهد ((أي باتخاذ الحيطة والحذر)) وإذا كان جناية فلا بدلها من التكفير والتوبة، فجعل تحرير العبد في القتل الخطأ بمنزلة التوبة الحقيقية في غيره من الجنايات)) وما يذكره في تبرير حرمان القاتل من ميراث القتيل ووصيته إن كان مستحقا لأحدهما، إذ يقول: لأنه وجد القتل مباشرة بغير حق … ولأن قتل الخطأ جناية جائز المؤاخذة عليها))(2). وإليك مثالا آخر ما يذكره صاحب ((الهداية)) في تبرير الجزاءات المترتبة على القتل الخطأ إذ يقول: ((إن القتل الخطأ في نفسه لا يعرى عن الإثم من حيث ترك العزيمة والمبالغة في التثبت في حالة الرمى، إذ شرع الكفارة يؤذن باعتبار هذا المعنى، ويحرم من الميراث لأن فيه إثما، فيصح تعليق الحرمان به.))(3)
وأما القتل الشبيه بالخطأ فله نوعان:
(أحدهما) ما يصفه الفقهاء بأنه شبيه بالخطأ من جميع الوجوه، وهو الذي ينجم

*(هوامش)*
(1) تؤخذ الدية فقط إذا كان القاتل كافرا أو صبيا أو مجنونا ولا تجب الكفارة على غير المسلم ولا على المجنون والصبي، لأن الكفارة عبادة، والكافر والمجنون والصبي غير مكلفين بالعبادات "أنظر تفصيل ذلك في "بدائع الصنائع " للكاساني صفحة 252.
(2) البدائع، الجزء السابع، ص 252.
(3) انظر الهداية والميداني على القدوري في باب الجنايات، في القسم الخاص بالقتل الخطأ.