/ صفحه 133/
4 هذا هو أثر القول في النفس إيجابا وسلبا، إنه يؤكد أن استقامة اللسان من استقامة القلب إلا إذا تعاون اللسان معه في منهاج الاستقامة، ولذا قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ((لا يستقيم إيمان العبد حتى يستقيم قبله، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، ولا يدخل الجنة رجل لا يأمن جاره بوائقه)) ولقد قال أبو بكر الصديق رضى الله عنه: ((استقامت ألسنتكم لو استقامت قلوبكم)) فالخط المستقيم الذي رسمه الإسلام للأخلاق الفاضلة يقتضي قلبا سليما، ولسانا حكيما.
5 وإن الكلام لا يقتصر أثره على النفس يزكيها أو يدسيها، بل يتجاوزها إلى المجتمع، فالكلمة تلقى إما أن تلهب نيرانا، أو تلقى سلاما، ورما أن ترفع قائلها، وإما أن تخفضه، وقد تكون في ذاتها حقا ولكن يفهم الناس منها الباطل، وإذا كانت كلمة الحق أحيانا يراد بها الباطل كما قال على بن أبي طالب كرم الله وجهه فكذلك قد يفهم منها الباطل، وعلى الذين يتكلمون أن يقدروا مواقع كلامهم، ومقدار فهم الناس له، فالإخلاص في القول وصدقه لا يكفيان لإثبات حسنه، بل لابد مع ذلك من أن يكون وقعه في نفوس سامعية لا يؤدي إلا إلى خير، ورب كلمة صدق وحق أثمرت باطلا، والكلام الحكيم هو الذي يقال في الوقت المناسب والمقام المناسب، ويكون الأثر حقا يقام، وباطلا يزال، ولذا أمر اأسلام ألا نحدث الناس إلا بما يطيقون حتى لايضلوا.
وإن أثر الكلام الذي ينال رضوان الله بليغ بعيد المدي، وأثر الكلام الذي يثير سخط الله بعيد المدي كذلك ولقد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ((إن الرجل ليتلكم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ به ما بلغت، فيكتب الله بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله بها سخطه إلى يوم القيامة)).
وإن الكلمة التي تنال رضوان الله تعالى لا بد لها من شروط ثلاثة: - أولها- أن تكون صادقة وأن تكون متفقة كل الاتفاق مع اعتقاد قائلها - والثاني - ألا يقصد قائلها إلا الحق فلا يقصد بها أمرا آخر يخفيه في نفسه ولا يبديه - وثالثها -