/ صفحه 126/
والعمل، ويكون الأولاد هم المكلفين بالسعى وتحصيل الرزق، ناسب أن يكون علاجها: ((نن نرزقهم وإياكم)) فقدم رزق الأبناء الذين يعلمون، وكان رزق الآباء في تلك الحالة من رزق الأبناء وفي تغيير الأسلوب على هذا النحو بالنظر إلى هاتين الحالتين، إيحاء بأن رزق الله للإنسان إنما يكون مضمونا إذا كان كاسبا عاملا، وليست الكفالة مرتبطة بالرزق ولو من غير عمل وكسب! فإن ذلك ليس من سنن الله في كونه، ولا من أوامره وشرعه.
حكم إجهاض الحامل:
والآية بإطلاقها تتناول النهى عن قتل الأولاد الذين انفصلوا عن الأم بالوضع والولادة،و عن قتل الأجنة الذي عرف في هذه الأيام بالإجهاض وإسقاط الحمل، وقد اتفقت كلمة الفقهاء على أن إسقاط الحمل بعد نفخ الروح فيه، حرام، لا يحل لمسلم أن يفعله لأنه جناية على حي، ولذلك وجبت فيه العقوبة، أما إسقاطه قبل نفخ الروح، فزعم فريق أنه جائز توهما منه أنه لا حياة فيه، فلا جناية بإسقاطه، فلا حرمة، والتحقيق أنه حرام، لأن فيه حياة محترمة، هي حياة القبول والاستعداد، وقال فيها الإمام الغزالي: ((إنه جناية على موجود حاصل، وأن أول مراتب الوجود، أن تقع المادة في المحل وتختلط بالبويضة وتستعد لقبول الحياة، وإفساد ذلك جناية، وتعظم الجناة كلما انتقلت المادة من طور إلى طور، حتى تصل إلى منتاها بعد الانفصال حيا)) وجاء في كتب الحنفية لبعض فقهائهم: ((ولا أقول بالحل، إذ المحرم لو كسر بيض الصيد ضمنه، لأنه أصل الصيد، فلما كان يؤاخذ بالضمان في الصيد، فلا أقل من أن يلحق الإثم في الجنين)) وقالوا: ((إن الماء بعد ما يقع في الرحم مآله الحياة، فيكون له حكم الحياة)).
ومن هنا وجب حمل القول بالإباحة على حالة ترتب الضرر الفادح، كموت الأم إذا لم تسقط الجنين، ومن هنا أيضا، نرى أن علماء الشريعة يرون كما يرى الطب أن مادة التلقيح فيها حياة، وأنهم يقدرونها ويعتدون بها، ويرتبون عليها الآثار، أما الحياة التي لا تكون إلا في الشهر الرابع فهي حياة الحس والحركة،