/ صفحه 84/
والذي يهمنا هنا من هذه الخصائص الثلاث الخاصة الثانية، وهى نصره صلى الله عليه وآله وسلم بالرعب، فالرعب: الخوف والفزع، وكان كثير منا معشر المسلمين يفهم خطأ أن الاسلام انتشر بالسيف، ومن يفهم هذا يفهم خطأ أيضاً أن الرعب الذي نصر به النبى صلى الله عليه وسلم كان رعباً من ذلك السيف الذي نشر به دنيه، لان هذا لازم لذاك، والحقيقة أن الاسلام لم ينشر بالسيف، وانما نشر بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وليس في القرآن الكريم الا أخذ الناس بهذه الدعوة الكريمة، فمن شاء آمن بها فنجا من عقاب الله في الاخرة، ومن شاء كفر بها فاستحق عقابه فيها، وقد جاهد المخلصون من المسلمين في عصرنا حتى أثبتوا هذه الحقيقة، وقضوا على ما كان شائعاً بين المسلمين في أعصر الغفلة والجمود، من أن الاسلام انما انتشر بالسيف، وقد أراد أعداء الاسلام أن يستغلوا هذا في عصرنا، فطعنوا فيه بأنه لم ينتشر لانه حق، وانما أكره الناس عليه بالسيف، وأخذوا يخوفون الناس من ظهور أمر المسلمين بعد ضعفهم، ويزعمون أنهم لو عادوا الى الظهور لشنوها حرباً شعواء على الناس لاكراههم على دينهم، فقضى المخلصون لدينهم بذلك على هذاالاستغلال الماكر من أعداء الاسلام، حتى حملوا كثيراً من المنصفين في أوربا وأمريكا على الشهادة للاسلام بأنه دين سلام لا حرب، وأنه انما يحمل السيف ليحمى دعوته ممن يريد فتنة أهلها عنها، لا ليكره الناس على الايمان بها.
واذا ثبت أن الاسلام لم ينشر بالسيف فانه يثبت تبعاً لهذا أن السيف لم يكن له أثر في نصر النبى صلى الله عليه وآله وسلم بالرعب، لانه كما لم يبعث لينشر دينه بالسيف، بل لينشره بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، لم يبعث أيضاً ليثير رعباً بالسيف بين الناس، وانما بعث لينشر بينهم سلاماً وأمنا، فيدخلوا في دعوته لا عن فزع ورعب، وانمايدخلون فيها عن طمأنينة وأمن.
على أن القرآن الكريم قد أتى ببيان سبب ذلك الرعب الذي نصر به النبى صلى الله عليه وآله وسلم، فيجب أن نقف عند ما ذكره لذلك من سبب،