/ صفحه 7/
مواضع هذا الدليل في القرآن الكريم:
ولعل من المفيد أن نذكر في هذا المقام أن هذه العبارة: ((ما قدروا الله حق قدره)) جاءت في ثلاثة مواضع من الكتاب الكريم:
الموضع الأول: هذا الموضع من سورة الأنعام، وقد أُتْبعتْ بقوله تعالى: ((قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدى للناس)) وهو مقابلة لسلبهم العام حيث قالوا: ((ما أنزل الله على بشر من شىء)) بالإثبات الجزئى لرسالة مشهورة معروفة، وفيه بيان لوجه الحكمة في الإيحاء بهذه الرسالة، حيث قصد بهما أن تكون نوراً وهدى للناس، ثم أتْبع ذلك بالإشارة إلى القرآن الكريم في قوله تعالى: ((وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها)) وهي إشارة إلى حاضر شاهد بين أيديهم، مصدق لما سبقه، مع بيان الغاية منه، والحكمة في إنزاله، وهي إنذار أم القرى ومن حولها.
والموضع الثاني: هو قوله تعالى في سورة الحج: ((ما قدروا الله حق قدره، إن الله لقوى عزيز، الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير)) وفي هذا الموضع جاءت العبارة نفسها معقَّبة بإثبات قوة الله وعزته، وأن اصطفاء الله الرسل من الملائكة ومن النّاس شأن من شئونه.
والموضع الثالث: قوله تعالى في سورة الزمر: ((وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون، ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون، وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجىء بالنبيين والشهداء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون)) وفي هذا الموضع تفصيل لبعض مظاهر القوة والعزة التي أثبِتت لله مجملة في الموضع الثاني، ثم ينتهى الكلام بذكر المجىء بالنبيين والشهداء والفقضاء بين الناس بالحق.