/ صفحه 52/
لقد كان أمره - لو أنه كان من عامة الرجال - واحدة من اثنتين: ذل الأسر والمنة إن عفوا عنه، والثانية أن يقتلوه وهي الأولى بالرجل الحر الكريم، على أنّ ثم ثالثة يصادى عنها نفسه، وتالله إنها لمورد الحزم ومصدره: يلصق أو يلسق أو قل يلزق بالعسل إلى الجبل كى يسلمه إلى السهل إلى آخر ما عرفت.
قلت: فمن يكون هذا الحول القلب الذي إذا سد منه منخر جاش منخر: وإن كان التعبير يجلب الغثيان، فما كانت المناخر لتجيش بما تستريح إليه النفوس.
قال: إذا أسلمت ما يجيش به منخراك ومنخراً شيخك وما شئت من مناخر صحيحة أو معتلة الى كيمائى فحلله الى عناصره الاولى; فانه ان يأتيك الا ببعض ما تأكل أو تشرب... فليكن عيشك اذن غثيانا في غثيان على عثيان ما طعمت طعاماً أو شربت شرابا أو فركت فيما تطعم وتشرب.
قلت: فقد يقرأ حديثنا هذا بعض ذوى الذوق السليم، ولا أحب أن أسبب لهم ما سببته لشاب ظريف أنشدته قول الشماخ:
وعرفت رسما دارساً مخلولقا * * * فوقفت واستنطقته استنطاقا
فكانت ((استتنطقته استنطاقا)) هذه وجع قلب أرهقه ارهاقا:
قال: فليته أحرقه احراقاً، وليتك سميت الاشياء والذوات بأسمائها، فقلت قد يقرأ حديثنا بعض ذوى الذوق المريض، وانك أنشدت شاباً عليلا قول الشماخ فليس من سلامة الذوق أن تنفر من واقع الحياة، الا أن يكون شذوذاً غير متوقع و لامنتظر
قلت: توقع وانتظار أى فرق بينهما؟ ومتى أحب شيخى التزيد أو الحشو أو التكرار لمجرد التكرار؟
قال: الفرق بينهما كالفرق بين الليل والنهار، فأنت تتوقع (الواقعة) وتنتظر الفرج، فهذا للخير وذاك للشر.
قلت: فانى أحيل شيخى على غير واحد من زملائه الكبار الذين (يتوقعون الخير) فيما يقولون.