/ صفحه 50/
ليست آراء الفقيه ظلا حقيقيا للأحكام الشرعية الواقعية، وإنما هي اجتهادات تعبر عن الحكم الواقعي في نظر المجتهد، وليس من شك أن الاجتهاد يقبل الجدال والنقاش، وإن بلغ دليله من القوه ما بلغ، غاية الأمر أن قوة الدليل تضعف احتمال الخلاف، ولا تلغيه بالمرة، وإلا فيخرج عن كونه اجتهاداً، ويصبح ضرورة دينية يشترك في معرفتها العالم والجاهل.
وعلى أي الأحوال فإن الاجتهاد حجة في حقّ صاحبه يجب عليه اتباعه والعمل به، أو قل كما قالت الشيعة الإمامية: إن الحكم الشرعي على قسمين: حكم واقعي، وهو الذي شرع بالتشريع الأولى في حقّ جميع المكلفين، ولم يقيد بعلم أو جهل. وحكم ظاهري، وهو الذي شرع في حقّ المجتهد عند ما تقوم لديه الأمارة من ظواهر الكتاب، أو السنة الثابتة بنقل الثقات، أو إجماع العلماء، أو دليل العقل، وقد يتفق الحكم الظاهري مع الحكم الواقعي، فيكتب للمجتهد أجران، أحدهما على العمل بالواقع، والثاني على ما بذله من جهد، وأحكام المذاهب كلها ظاهرية ليست بحجة إلا في حقّ القائلين بها، حتى هؤلاء يجب عليهم أن يعدلوا عنها إذا انكشف لهم العكس.
وبالتالى فإن التعصب لمذهب هو تعصب للفرد، تعصب لصاحب المذهب بالذات لا تعصب للإسلام، ولا لمبدأ من مبادئه، وإذا كان لابد لنا من التعصب فلنتعصب للدين، للإسلام لا لمذهب من مذاهبه، على أن يكون تعصبنا للإسلام الحرص على تعاليمه، واحترام شعائره، والدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، نتعصب للإسلام ببث روح الألفة والتآخى بين المسلمين جميعا.