/ صفحه 425/
نثبت هنا ما دون ذلك الشعر بدرجات، وإن كان فيه ما يعد عبثاً لا يليق، فمن ذلك قول أحدهم: (دعيني أصارع الأقدار) وقول آخر وهو شاعر ظل يعمل حينا في هيئة إسلامية ـ (تمنيت ما أعيا المقادر) وهكذا حتى بلغ الأمر بشيخ أزهري أن يخاطب ممدوحه قائلا (تخذوك بعد إلههم معبوداً) قال شاعرنا ـ وقد جرحته قوارص التقريع واللوم ـ ولكن للعبادة معنى آخر، فأنا أقصده، قلت له: كان يلزم أن تضع شرحا وحاشية على البيت حتى لا تذهب به الظنون، على أنك كنت تحتاج بعد ذلك إلى تقرير، فإن قولك (بعد إلههم) مما يضيع معه كل دفاع!
على إني أقرر أمراً هو أشد غرابة من كل ما سبق، فإن شعراءنا لم يقتصر تقليدهم لغيرهم على شعر الغزل، وعلى الشعر الديني، وإنما قلدوا في عاطفة أخرى أخطر من هذه العواطف، قلد شعراؤنا، في شعر (الألم) فمنذ قال شوقي في إحدى روياته (وأنبغ ما في الحياة الألم) وهم يضجون بالشكوى، فما من شاعر أو شويعر إلا له في وصف ما يعانيه أو ما يوهمنا إنه يعانيه من آلام مبرحة أشعار، وأشعار، لماذا؟ أكلهم معمود مهجور؟ أكلهم اجتمعت عليه الهموم والأحزان؟ نعم. إن الشباب يمر الآن، وقبل الآن، في هذا العصر الثائر البائر بمآزق نفسية واجتماعية قاصمة، ولكن هنا حقيقة أخرى لا ينبغي أن نغفلها، وهي أن من الشباب من يتقلب في مطارف النعيم، ومن يعبج من مباهج الحياة ومسراتها، وهم شباب، والشباب ـ وحده ـ نعمة كبيرة، فلماذا لا نجد في أشعارهم غير النواح والعويل والشكوى؟ ومن هنا كثير في هذه الأشعار ألفاظ الزمن والدهر، والأيام، والأحداث، والأشجان، والآلام، وما إليها؟
القرآن والترجمة
رسالة صغيرة الحجم، عظيمة الفائدة، ألفها العلامة الأستاذ عبد الرحيم محمد علي من النجف الاشرف تحدث فيها عن (القرآن والترجمة) مستعرضا الخلاف في إباحتها، معدداً تراجمه باللغات العالمية المختلفة مع بيان تاريخها ومن قام بها، وفيها غير ذلك فوائد جمة.