/ صفحه 417/
وأما سبب الجرح فيشترط بيانه، وممن يقول بذلك الشافعي وأحمد في أحد قوليه، وذلك لاختلاف الناس في سبب الجرح، واعتقاد بعضهم ما لا يصلح أن يكون سببا للجرح جارحا، كشرب النبيذ متأولا، فأنه يقدح في العدالة عند مالك مثلا، ولا يقدح عند الحنفية، وكمن يرى إنسانا يبول قائما فيبادر بجرحه لذلك، ولا ينظر في أنه متأول مخطئ أو معذور، لما في الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بال قائما لعذر كان به، فينبغي بيان سبب الجرح ليكون على ثقة واحتراز من الخطأ والغلو فيه، قال الطوفي رحمه الله تعالى: " ولقد رأيت بعض العامة وهو يضرب يداً على يد ويشير إلى رجل ويقول: ما هذا إلا زنديق، ليتني قدرت عليه فأفعل به وأفعل، فقلت ما رأيت منه؟ فقال رأيته وهو يجهر بالبسملة في الصلاة (1).
ثانياً: أنه ليس في المذاهب الستة (المالكية والحنفية والشافعية والحنابلة والامامية والزيدية) من يرى جواز الكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد صح عنه أنه قال: " من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " وقد جاء هذا الحديث بلفظه أو بمعناه في روايات صحيحة في هذه المذاهب، وقد بلغ من تشديد الشيعة الامامية في ذلك أنه يجعلون الكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مفسداً للصوم، وأنه إذا وقع عمداً من صائم في رمضان، وجب عليه القضاء والكفارة كما يجبان على من تعمد سائر المفطرات (2).
ثالثا: قد بينا من قبل أن خلاف هؤلاء جميعاً بعضهم وبعض: ليس من قبيل الخلاف على الأصول التي يكون بها المسلم مسلما، وبجحودها أو جحود شيء منها يخرج من ربقة الإسلام، وإذن فينبغي ألا ينظر في التجريح لمجرد أن الراوي يرى مذهبا من هذه المذاهب، فكما لا يجوز أن يقول ذلك أحد من الشيعة

ــــــــــ
(1) المصدر نفسه ص 295.
(2) المراجعات للشيخ شرف الدين الموسوي، ص 50 مطبعة العرفان سنة 1373 بالمراجعة رقم 14.