/ صفحه 413/
ردها ردّ معها مثل أو مثلي لبنها قمحا " وعلى هذا فقد يزيد الواجب على الصاع من التمر وقد ينقص، وهذا الحديث الأخير هو الذي يوافق قاعدتهم في اعتبار التصرية تدليساً يوجب الرد، وفي رد اللبن أو مثله لأنه ملك البائع، وحملوا الحديث الآخر ـ لو ثبت ـ على صورة ما إذا تعذر اللبن ومثله مع مساواة الصاع لقيمته.
فتحصل أن فريقا يعدها عيبا ويثبت بها الخيار، على ما جاء في الخبر الأول، وأولئك هم الجمهور، وفريقا يعدها تدليساً وليست بعيب، ويثبتون بها الخيار، واللبن أو قيمته إن لم يكن، وهم الامامية، وفريقا لا يعدها عيباً ولا تدليساً، وذلك قول أبي حنيفة ومن تبعه.
(4) ـ وبعضهم يرى عدم العمل بالحديث الذي تركه أهل الفقه والفتوى مع عدم الطعن في روايته.
وممن يرون ذلك: أبو حنيفة ومالك والشيعة الامامية، لأن إهمال الفقهاء له وعدم عملهم به مع انه منهم على مرأى ومسمع يكشف عن وجود قرينة تستدعى الإعراض عن ذلك الحديث بالخصوص، وإن كان الراوي له صادقا (1)، أما الشافعي فإنه يرى العمل به لقوته.
ومثال ذلك حديث القلتين، فإنه حديث صحيح روى بطرق كثيرة، ولكنه لم يظهر في عهد سعيد بن المسيب، والزهري، ولم يمش عليه المالكية ولا الحنفية وعمل به الشافعية (2).
هذه أمثلة أردنا أن نبين بها الاختلاف الراجع إلى العمل ببعض الأحاديث من جانب وتركها من جانب آخر، ولم نرد الاستقصاء في الأنواع ولا في الأمثلة.
تحقيق في أساس القبول والرد من حيث السند:
ونود أن نقول هنا كلمة عن رأينا في الخلاف الذي سببه استمساك كل فريق
ــــــــــ
(1) كتاب " مع الشيعة الامامية " لفضيلة الأستاذ الشيخ محمد جواد مغنية رئيس المحكمة العليا ببيروت ص 73.
(2) " حجة الله البالغة " للدهلوي ص 147 ج 1.