/ صفحه 410/
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ـ وسكت ليكتب المستملي ـ فلما نظر إلى ثابت قال: من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار، وقصد بذلك ثابتاً لزهده وورعه، فظن ثابت أنه متن ذلك الإسناد فكان يحدث به، وقال ابن حبان: " إنما هو قول شريك قاله عقب حديث الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا " يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم " فأدرجه ثابت في الخبر (1).
2 ـ ومما يرجع إلى المتن:
(1) ـ نقد ابن حزم لحديث قيل إن الحسن رواه عن ابن عباس جاء فيه أنه خطب في آخر رمضان على منبر البصرة فقال: أخرجوا صدقة صومكم، فكأن الناس لم يعلموا فقال: من ههنا من أهل المدينة؟ فقوموا إلى إخوانكم فعلموهم فإنهم لا يعلمون: فرض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه الصدقة صاعا من تمر أو شعير أو نصف صاع من قمح على كل حر أو مملوك، ذكر أو أنثى، صغير أو كبير، فلما قدم عليٌّ رأى رخص الشعير. قال قد أوسع الله عليكم فلو جعلتموه صاعا من كل شيء.
قال ابن حزم: وهذا الحديث قبل كل شيء لا يصح لوجوه ظاهرة.
أولها: أن الكذب والتوليد والوضع فيه ظاهر كالشمس، لأنه لا خلاف بين أحد من أهل العلم بالأخبار أن يوم الجمل كان لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين تم أقام عليٌّ بالبصرة في جمادى الآخرة، وخرج راجعاً إلى الكوفة في صدر رجب، وترك ابن عباس بالبصرة أميراً عليها، ولم يرجع عليٌّ بعدها إلى البصرة، هذا ما لا خلاف فيه من أحد له علم بالأخبار، وفي الخبر المذكور ذكر تعليم ابن عباس أهل البصرة صدقة الفطر، ثم قدم عليٌّ بعد ذلك، وهذا هو الكذب البحت الذي لا خفاء به، ووجه ثان أن الحسن لم يسمع من ابن عباس أيام ولايته البصرة شيئاً، ولا كان الحسن حينئذ بالبصرة، وإنما كان بالمدينة ـ هذا مما لا خلاف فيه بين أحد من نقلة الحديث، وأيضاً وجه ثالث

ــــــــــ
(1) الباعث الخثيث إلى معرفة علوم الحديث لابن كثير ص 77.