/ صفحه 403 /
لهذا الاختلاف من الناحية الاصطلاحية ألبتة، وإنما الأثر من جهة التحري في قائل هذا التشبيه أولا، فلنعد إليه.
قائل هذا التشبيه الأنمارية:
بالتأمل في كلام الخطيب يستفاد: أن هذا التشبيه التمثلي قيل في الجاهلية، فهو على سبيل اليقين منشأ في الجاهلية محكي في الدولة المروانية وأن قائله الأنمارية، وأنها فاطمة بنت الخرشب إحدى المنجبات في الجاهلية يروى أنه سألها أبو سفيان حين قدمت عليه مكة حاجة في الجاهلية: أي بنيك أفضل؟ فقالت الخ، وأن وافد المهلب ناقل له متمثل به فقط، وأن ذلك الوافد ليس الأشقري على وجه اليقين كما قال عبد القاهر.
ويعضد ذلك ما نقله البغدادي في خزانة الأدب عن الزمخشري في مستقصى الأمثال (( أنجب من بنت الخرشب )) (1) وما ذكره ثانياً للمناسبة في الخزانة أيضاً (2) وفاطمة حرية أن تقول ما قالت، فكانت امرأة برزة، له ضيافة وسؤدد بين الناس، ولقد ذكرني هذا بمثل آخر لها قالته في وقت عصيب. وهو:
حسبك من شر سماعه:
وذلك أنه نشأت شحناء بين ابنها الربيع بين زياد البسي وبين قيس بن زهير البسي في شأن درع ساومه فيها، فلما نظر اليها وهو على ظهر فرسه وضعها على القربوس ثم ركض بها فلم يردها عليه، فاعترض قيس قاطمة أمه في ظعائن من بني عبس، فاقتاد جملها يريد أن يرتهنها بدرعه، فقالت له: ما رأيت كاليوم قط فعل رجل، أين حلمك يا قيس أترجو أن تصطلح أنت وبنو زياد أبدا، وقد أخذت أمهم فذهبت بها يميناً وشمالاً، فقال الناس في ذلك ما شاءوا أن يقولوا، وحسبك من شر سماعه، فعرف قيس ما قالت فخلى سبيلها، فقالت ـ وحق ما قالت ـ
تعدو الذئاب على ما لا كلاب له وتتقى صولة المستأسد الضاري (3)
ــــــــــ
(1) الخزانة الشاهد الثامن.والاربعين بعد المائتين.
(2) الخزانة الشاهد السادس والثلاثين بعد الستمائة.
(3) المثل في مجمع الأمثال (( الحاء )) ونهاية الأرب ج 3 ص 36 طبع الدار.