/ صفحه 383/
بأبي بصير وكان ممن حبسوا بمكة فكتبوا فيه إلى الرسول وبعثوا في طلبه رجلين قدما وقالا: العهد الذي جعلت لنا، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا ابا بصير إنا أعطينا هؤلاء القوم ما قدم علمت ولا يصلح في دينا الغدر، وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، ثم دفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى إذا بلغا " ذا الخليفة " نزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين إني لأرى سيفك هذا جيداً، فاستله الرجل وقال أجل إنه والله لجيد لقد جربت به ثم جربت، قال أبو بصير أرني انظر إليه فأخذه منه فضربه به حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو، فقال الرسول ويلك ما لك؟ قال قتل صاحبي وإني لمقتلول فما برح حتى طلع أبو بصير متوشحاً السيف، فقال على رسول الله وقال بأبي أنت يا رسول الله أوفي الله ذمتك لقد رددتني إليهم فأعانني الله تعالى عليهم، فاقل (صلى الله عليه وآله وسلم): ويلمه مسعر حرب لو كان معه أحد، فلما سمع ذلك عرف أنه يرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر وبلغ المسلمين المستضعفين بمكة قول الرسول: ويلمه مسعر حرب لو كان معه أحد فخرج منهم جماعة إليه. وانفلت أبو جندل فلحق بأبي بصير حتى اجتمع إليه قريب من سبعين رجلا فما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوهم وقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى رسول الله تناشده الله والرحم أن يكف عنها أيدي هؤلاء المستضعفين. فمن أتى منهم رسول الله فهو آمن ولا يرد.
قلت: وفيهم نزلت ـ فيما يروي أصحاب التفسير: " وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ".
قال: قد تكون فيهم نزلت، فأما عن تأبط شراً فإنه يوالي حديثه:
ولا أقول إذا ما خلة صرمت يا ويح نفسي من شوق وإشفاق
لكنما عولي إن كنت ذا عِوَل على بصير بكسب المجد سباق
إذا قطعت فلتقطع، فهو لن تتبعها نفسه حسرات، ولن يدعو ويلا وثبورا، انها امرأة، وليس للرجل أن يعول على أمرأة، وإنما على رجل بصير بكسب