/ صفحه 372/
إلهكم وإله موسى. ونحب أن نبين هنا أن بني إسرائيل كانوا قبل ذلك يعيشون في مصر، وكان المصريون يعبدون العجل أبيس، فلما جاء موسى بالتوحيد آمن به بنو إسرائيل، ولكنهم عند أول فتنة عادوا إلى المعبود الذي يشبه معبود المصريين.
وكما ظهرت قوة المعتقد القديم في بني إسرائيل في الحادثتين اللتين ذكرهما القرآن، كذلك ظهرت في الصحابة أنفسهم رضوان الله عليهم في حادثة ذكرها ابن هشام في سيرته:
قال في أثناء غزوة حنين: حدثني ابن شهاب الزهري عن سنان عن أبي واقد بن الحارث بن مالك قال: خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى حنين ونحن حديثو عهد بالجاهلية، قال فسرنا معه وكان لكفار قريش ومن سواهم من العرب شجرة عظيمة خضراء يقال لها ذات أنواط يأتونها كل سنة فيعلقون أسحلتهم عليها ويذبحون عندها ويعكفون عليها يوماً، فرأينا سدرة خضراء عظيمة فتنادينا من جنبات الطريق: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الله أكبر قلتم ـ والذي نفسي بيده ـ كما قال قوم موسى: إجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون، لتركبن سنن من كان قبلكم.
كان العرب في الجاهلية أهل شرك يعبدون الأصنام، ويجعلون منها شركاء لله، فجاء الإسلام بالتوحيد ونفي الشركاء، وإبطال عبادة الأصنام وقد شرع أحكاماً كثيرة لسد ذرائع العودة إلى الشرك.
وقد كان أهل العلم من الصحابة يعلمون قوة المعتقد القديم ورسوخه وظهوره عند الدواعي والمناسبات، فكانوا يقفون حراساً على المعقتد القديم لئلا يبرز وكانوا يسدون الذرائع اليه، في السيرة النبوية للسيد أحمد زيني دحلان، والشجرة التي كانت البيعة تحتها بلغ عمر أن ناساً يصلون عندها ويطوفون بها، فخاف رضي الله عنه من اتساع الأمر وظهور البدعة وأن تعبد كما تعبد الأصنام فأمر بها فقطعت.
وفي الألوسي في تفسير سورة الفتح: " المشهور أن الناس كانوا يأتونها فيصلون عندها فبلغ ذلك عمر فأمر بقطعها خشية الفتنة بها لقرب الجاهلية وعبادة غير الله ".