/ صفحه 369/
التي تقع مورداً للنقض والبحث من دون أن يعتمد في ذلك إلى ركن وثيق في تحقيق الدعوى ولا رجوع إلى المراجع الصالحة لذلك، بل يستند إلى كذب وافتراء، فمن اللازم على التقريب أن يعرف المراجع المعتمد عليها عند كل فريق كي لا تنقلب الدعوى إلى ما لا يقربه الخصم (1)، ويرشد إلى المظان التي جرى البحث فيها عمن يليق بهذا البحث من غير المتطرفين، كما يرشد إلى من يتوافق رأيهم في مسألة من علماء الفريقين (2).
ويقابل الأول (التوحيد الذي نوهنا عنه) في التطرف التفريق أي توسيع تلك الهوة العميقة التي حدثت في القرون الأخيرة بين الأمتين، ومزقت الأمة الإسلامية كل ممزق، وجعلتهم شعوباً مختلفين كأنهم لا جامع يجمعهم، وليسوا أمة واحدة، وربما كان الاتصال من فريق إلى أمة غير مسلمة أقرب منهم إلى فريق آخر من المسلمين، وذلك مما يؤسف له أشد التاسف فنجد كثيرا من هؤلاء يتبعون أثر الأحقاد والدفائن التي مرت عليه القرون ونسجت عليه عناكب النسيان، وينهضونها من مراقدها كي يجددوا تلك المشاغبات التي نحن الآن في غنى عنها، فقد آن لنا ـ ونحن في ذلك الموقف الحرج في أمس الحاجة إلى ما يجمع شمل المسلمين وبلم شعثهم ويقيم أودهم ويوحد صفوفهم ويجعلهم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ـ أن نثوب إلى رشدنا وننبذ تلك الاحقاد والضغائن التي أكل الدهر عليها وشرب، وأن نلبي دعوة الله عزوجل في كتابه الكريم: " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ". " ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات " فنحن الآن إلى الوفاق والوئام أحوج منا إلى الخلاف والتفريق الذي يقوم به كثير ممن يتظاهرون أنهم بذلك يؤدون خدما للإسلام " ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم، ألا إنه بكل شيء محيط.
ــــــــــ
(1) وقد كان المرحوم السيد رشيد رضا يسند إلى الامامية أحكاما من دون أن يراجع إلى مداركها الصحيحة، بل بما ينشر عنهم أو يأخذ من المراجع غير المعتمدة عندهم.
(2) حيث أنه قلما يوجد رأي في الفقه من أحد الفريقين لا يوافق مع رأي فقيه آخر في فرقة أخرى.