/ صفحه 360/
عليهم من عذاب، فقد كانوا يذبحونهم ويقتلونهم بالجوع ويمثلون بهم، وما كان الإسلام يبيح شيئا من ذلك حتى مع الذين حاولوا قتل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد أباح الإسلام الاسترقاق في الحروب كضرورة حربية في حال الحرب، فلا رق في سواها ولتطبيق قانون المعاملة بالمثل في أضيق حدوده، ولقد عامل الرقيق بأرفق معاملة رآها تاريخ الإنسانية.
5 ـ (3) الوفاء بالعهد:
جاء الإسلام داعياً إلى السلام، وإن كان اشد ما يبغضه الاستسلام، ولذلك كان إذا جنح محاربه إلى السلام العزيز الكريم سارع اليه، فقد قال تعالى: " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله ".
وإن السبيل إلى استقرار السلام هو المعاهدات السليمة، وإن هذه المعاهدات لا تستمد قوتها من نصوصها فقط، بل من نية عاقديها على الوفاء، ولذا حث القرآن على الوفاء بالعهد، واعتبر إخلاف العهود من علامات النفاق، وننقل هنا نصاً واحداً من نصوص القرآن الكريم في هذا الباب وإنها لكثيرة جداً، لقد قال تعالى: " وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها، وقد جعلتم الله عليكم كفيلا (1) إن الله يعلم ما تفعلون، ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا (2) تتخذون أيمانكم دخلا (3) بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة (4)، إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه
ــــــــــ
(1) في هذه العبارة إشارة إلى أن من يعقد عهدا تحت اسم الله أو بيمين، فمعنى ذلك أنه قد اعتبر الله كفيله في الوفاء، وأن من يخون بعد ذلك لا يكون قد خان من عاهده فقط بل يكون قد خان الله أيضا.
(2) معنى هذا النص أن الذي ينقض عهده يكون كتلك المرأة التي أخذت تعمل وتجتهد في غزلها ثم تفكه بعد ذلك، وفي ذلك إشارة إلى أن العهد قوة ومن ينقضه فهو ضعيف النفس وإلى أن السلم الذي تقرره العهود مطلب أسمى لا يصح أن ينقض ليطلب من جديد.
(3) أي تتخذون اليمين للغش والخديعة.
(4) أربى: أي أكثر وأنمى.