/ صفحه 345/
المطلق الذي تتجلى فيه صفات الرحمة الإلهية والفضل الإلهي بأوسع معانيها، وما أبعد امتراء الإنسان عما يقتضيه العقل من ذلك ويحكم به النظر " ثم أنتم تمترون ".
وتقرر الآية الثالثة خاصة الألوهية من العلم الشامل وعموم القدرة " وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون " وعموم القدرة وشمول العلم ها الأساسان في فهم الحق بالنسبة إلى الألوهية وبالنسبة إلى البعث والجزاء وبالنسبة إلى الوحي والرسالة.
ثم تجيء الآية الرابعة فتقرر أن لله آيات يبعث بها أنبياءه إلى خلقه، وهي آيات الشرائع والأحكام، وآيات الخلق والاتقان، ولكن الناس مع وضوح هذه الآيات تأخذ بهم فتنة الحياة عنها، فيعرضون ويكذبون وهي الحق الذي تشهد به فطرهم، وجاءهم من ربهم، ثم تتوعدهم الآية على ما كان منهم من إعراض وتكذيب واستهزاء " وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون ".
كل ما جاء بعد ذلك تفصيل لهذه القضايا: أمثلة من السورة:
على هذه الآيات الأربع التي ركزت بها السورة في أولها جهة الحق في الألوهية والبعث والجزاء والوحي والرسالة، أخذت السورة في تفصيل الحجج وتصريف الآيات، تهز بها العقل البشري وتدفعه إلى النظر، وتؤكد له هذه المطالب مع عرض موقف المكذبين بها المعرضين عنها، ومن هنا جاء كل ما في السورة إما متصلا بالسموات والأرض أو متصلا بالإنسان أو متصلا بالوحي أو متصلا بالبعث، أنظر إلى قوله تعالى: " قل لمن ما في السموات والأرض ". " وله ما سكن في الليل والنهار ". " وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق ". " إن الله فالق الحب والنوى ". " فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ". " وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر ". " أنزل من السماء ماء فأخرج به نبات كل شيء ". " أنشأ جنات معروشات وغير معروشات ".