/ صفحه 268/
كما فعلت فرقة الحسديين من اليهود، وأوجبت على كل متزوج يرغب في اعتناق مذهبها من الذكور أو الإناث أن يفترق عن زوجه؛ وبدون ذلك لا يمكن قبوله ولا تعميده " ومع أن الفرق المسيحية الباقية إلى عصرنا الحاضر لم تأخذ بهذا المذهب، فإن نظرة المسيحية إلى التبتل على أنه الحالة المثلى، وإلى الزواج على أنه مجرد ضرورة قد أدت بالتدريج إلى نظام العزوبة المفروض على القسيسين والرهبان في المذهب الكاثوليكي. فمنذ العصور المسيحية الأولى كان يخطر على القسيس أن يتزوج امرأة متوفى عنها زوجها، كما كان يخطر عليه أن يتزوج مرة ثانية بعد وفاة زوجته. وفي أوائل القرن الرابع الميلادي أصدر مجمع إلفيرا (في أسبانيا) قراراً بتحريم الزواج والابتعاد عن كل شهوات الجنس على كبار رجال الكنيسة. وفي أواخر القرن الحادي عشر أصدر البابا جريجوار السابع أمراً بوجوب العزوبة وتحريم الزواج على جميع القسيسين والرهبان كبارهم وصغارهم " حتى لا تتدنس صفاتهم الكهنوتية بالاتصال الجنسي " ومع أن هذا القرار قد لاقى في مبدأ الأمر معارضة شديدة في كثير من المناطق المسيحية، فإنه لم يكد ينتهي القرن الثالث عشر الميلادي حتى كان نظاماً مقرراً في الكنيسة الكاثوليكية، ومطبقاً على جميع القسيسين والرهبان من الرجال والراهبات من النساء.
ويذهب الظاهريون من فقهاء المسلمين وعلى رأسهم داود الأصفهاني وابن حزم إلى أن الزواج فرض عين على كل مسلم قادر عليه وعلى مختلف أعبائه. فهو للمسلم