/ صفحه 266/
الخطيئة (1) … وإنني لأنصح للأيامى (2) من الرجال والنساء أن يقتدوا بي فيظلوا على ما هم عليه، فإن لم يقو أحدهم على العفة فلا مندوحة له حينئذ عن الزواج؛ فلأن يتزوج خير من أن يكون وقوداً لنار جهنم " (3).
ويعلق ترتوليان (4) على هذه الفقرة الأخيرة من رسالة بولس الرسول فيقول: " إن الأفضل من حالتين لا يلزم أن يكون خيرا في ذاته. فلأن يفقد الإنسان عينا واحدة أفضل من أن يفقد كلتا عينيه، ولكن فقد عين واحدة ليس من الخير في شيء، فكذلك الزواج: فهو لمن لم يقو على العفة أفضل من أن يحرق بنار جهنم؛ ولكن الخير أن يتقي الإنسان الأمرين معاً، فلا يتزوج ولا يعرض نفسه لعذاب النار، وإن قصارى ما يحققه الزواج أن يعصم الفرد من الخطيئة، على حين أن التبتل يروض المرء على أعمال القديسين، ويذلل له السبيل إلى منزلة الاشراق، ويتيح له أن يأتي بالمعجزات. فجسم المسيح نفسه قد جاء من بتول عذراء، والقديس يوحنا المعمدان (يحيى بن زكريا Jean Baptiste) والرسول بولس وجميع إخوانه الحواريين الذين سجلت أسماؤهم في سفر الخلود آثروا التبتل وحثوا الناس عليه، وقد استطاعت مريم البتول أخت موسى (5) أن تعبر البحر هي وجميع من كن يسرن خلفها من النساء، فانشق لهن فيه طريق يبس وانتهين إلى الساحل الآخر سالمات، والقدسية البتول " تكلا " قد ألقى بها الكفار إلى الأسد الجائعة فوجمت الأسد أمامها ورقدت تحت قدميها بدون أن

ــــــــــ
(1) المرجع السابق إصحاح 7، آيتي 1،2.
(2) الأيم: العزب رجلا كان أو امرأة. والجمع فيهما أيامى، اهـ مصباح.
(3) الرسالة الأولى لبولس الرسول إلى أهل قورنثة، إصحاح 7، آيتي 8،9.
(4) من كبار فقهاء الكنيسة المسيحية (160 ـ 240 ميلادية).
(5) وهي التي ورد ذكرها في القرآن في قوله تعالى: " وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون ".