/ صفحه 265/
بابنها إسحق، وطبق على " دان " و" نفتالي " اللذين جاء بهما يعقوب من جاريته بيلهة قبل أن ترزق زوجه الأصيلة راحيل بيوسف وبنيامين (1).
ولم يشذ عن ذلك من فرق اليهود جميعاً إلا فرقة الحسديين (2) فقد كان من أهم مبادئ هذه الفرقة، حسب ما يحدثنا يوسف المؤرخ الشهير: " الرغبة عن جميع متع الجسم، والنظر إليها على أنها شرور، واعتبار التبتل (3) من أمهات الفضائل؛ ومن ثم حرموا على أنفسهم الزواج " (4).
* * *
ومع أن هذه المبادئ الحسدية لم يكن لها أثر كبير في الديانة اليهودية نفسها، ولم تطبق إلا في نطاق جماعة الحسديين وحدهم، وفي مواطن منعزلة عن الناس، فإنها قد تركت آثاراً ذات بال في الديانة المسيحية التي جاءت من بعد ذلك، فقد ساد في المسيحية الاعتقاد بأن العزوبة أمثل من الزواج، وأن الحصور (5) أدنى إلى الله ممن يقرب النساء. وفي هذا يقول بولس الرسول في رسالته إلى أهل قورنثه: " إن من يزوج ابنته يأت عملا طيبا، ولكن من لا يزوجها يأت ما هو خير (6) … وإنه من الخير للرجل أن يظل أعزب، إلا إن خاف الوقوع في
ــــــــــ
(1) سفر التكوين إصحاح 16 وإصحاح 30 آيات 1 ـ 14.
(2) انظر بحثا في هذه الفرقة والفرق اليهودية الاخرى من مقال لنا بالعدد الثاني من السنة الثامنة من هذه المجلة، صفحتي 155، 156.
(3) تبتل إلى الله وبتل بتشديد التاء: انقطع وأخلص، أو ترك النكاح وزهد فيه. اهـ. قاموس. وبهذا المعنى الأخير سنستعمل هذا الفعل ومشتقاته في هذا المقال.
(4) Josephe: De Bello Judaico,11.8.2
(5) الحصور من لا يأتي النساء وهو قادر على ذلك والممنوع أو من لا يشتهيهن ولا يقربهن. ا هـ. قاموس، وبالمعنى الأول وحده سنستعمل هذا الوصف في هذا المقال.
(6) الرسالة الأولى لبولس الرسول إلى أهل قورنثة، إصحاح 7، آية 38.