/ صفحه 202 /
يقولون أنها انتهت كوالدتها متأثرة بالنشاط الإشعاعي، وهو قول معقول، فقد أفنت حياتها في هذه الأجواء المشعة قبل أن تصل الوقاية من هذه الأجواء درجة الكمال التي وصلت إليه اليوم.
أذكر يوما في سنة 1934 تناقش فيه علماء السوربون في موضوع دفن أمها في البانتيون مدفن العظماء، وهي التي لم تحظ بهذا الشرف، كنت على مقربة من اثنين من جهابذة العلم، هما: جان بيران من حملة جائرة نوبل في الطبيعة، والمرحوم العالم الكبير من له الفضل في تكويني الأستاذ جييه يحاولان الحصول على تأييد غيرهم ليكون مقرها الأخير في البانتيون، ولا أريد أن أعلل الأسباب الآن فيما وصل إليه الأمر في هذا الشأن، ومن يدري إذا كانت إبرين كوري ستنقل إليه لتكون جوار روسو بمشعله ينير العالم، وترقد قريباً من قلب جامبتا المحفوظ على حائط سلم البانتيون الموصل إلى أسفل الدار إلى مقابر الخالدين، أم أنها ستكون خارج هذه الدار، وأيا كانت رقدتها الأخيرة فقد استقرت في قلوب العالم أجمع، وذلك لما قدمت إليه من آثار علمية ينعم بها في سبيل حياة أفضل ويسير بها سلام دائم.
* * *
في خطاب لفيكتور هيجو ألقاه في سنة 1878 بمناسبة مرور مائة عام على وفاة " فولتير " قال في وصفه: " فولتير هو القرن الثامن عشر " وسرد الأحداث التي جعلت من فولتير زعيماً لهذا القرن بكتاباته التي اشتهر بها أثر حادثين:الحادث الأول: تعذيب وإعدام " جان كالاس " الذي ظهرت براءته بعد إعدامه. والحادث الثاني: تعذيب وإعدام الشاب " لابار " متهماً بأنه اقتلع صليب الكنيسة في بلدة إيفيل، وكان بدوره بريئاً.
لقد خلق الحادثان فولتير العظيم الذي هاجم قضاة فرنسا، وسخر من القساوسة وأطاع بالملكية، وجعل كل هذا منه زعيما لا يبارى للقرن الثامن عشر، وأشرك