/ صفحه 154/
واشتراكاً نقدياً لاعداد المائدة وشراء مايلزم لطهوها وتكملتها من المواد الاخرى وكان يجب على كل اسبرطى الاشتراك في هذه الموائد وحضورها، فما كان يسمح لاحد، كما يقول پلوطارخوس: ((أن يسمن وحده خفية وفي الظلام كما تفعل البهائم الجشعة)) وحتى الملوك أنفسهم كانوا ملزمين بذلك. فالملك أچيس عند ما عاد منتصراً من احدى غزواته ضد الاثينيين لم يستطع الحصول على اذن بتناول عشائه في منزله مع زوجته. وكان كل اسبرطى يتخلف عن تقديم اشتراكه العيني أو النقدى في هذه الموائد يجرد من جنسيته ويفقد حقوقه الوطنية، وقد قصد ليكورغوس من هذا النظام، كما يقول المؤرخ پلوطارخوس: ((أن يأخذ مواطنيه بالمعايشة الجمعية، وينفرهم من حياة العزلة، ويجعلهم متماسكين متحدين كالبنيان المرصوص، متضافرين على الصالح العام كجماعات النحل)) ولتحقيق هذا الغرض على أكمل وجه كان الاسبرطيون يؤخذون بالتقشف والحياة الخشنة، وتحرم عليهم مظاهر الترف والنعيم.
وقد شاع في اسبرطة في هذا الصدد تقليد غريب، فقد كان يباح - بحسب نظم ليكورغوس - للاحداث والشبان السرقة من المخازن العامة المملوكة للدولة ومن غيرها. بل كانوا يشجعون على ذلك، لما تتضمنه هذه المغامرات من تدريب على أعمال الحرب، وتمرين على مايلزم للجندى في ساحة القتال من مهارة وخدعة و سرعة حركة، ومواجهة لما يطرأ من مفاجآت لم تكن في الحسبان، وكان الشاب السارق لايعاقب الا اذا قبض عليه وبيده الشىء المسروق قبل أن يتمكن من اخفائه، وكان لا يعاقب في الحقيقة على السرقة نفسها، وانما كان يعاقب لعدم مهارته في اقترافها، واحكام وسائلها، ولذلك كان الشبان يحرصون أيما حرص على بحاح سرقتهم، وكانوا يعانون في ذلك أحياناً عنتاً كبيراً، حتى انه ليروى أن شاباً اسبرطياً سرق ثعلباً من حظيرة عامة، وبينما كان يقوده الى حيث يريد اخفاءه اذ لمح جماعة في طريقه، فأخفى الثعلب في داخل ثيابه حتى لا تنكشف سرقته، فأنشب الثعلب أظافره وأنيابه في جسمه، وظل الشاب متجلداً لمصابه