/ صفحه 145/
وقد ألحت الشعوب المغلوبة في هذا الكيد الخفى لما رأت أن مقاومتها قد سلبت، و أنهالا تستطيع أن تقاوم المسلمين غلاباً واقتساراً، فرأت أن تلجأ الى مقاومتهم من طريق الخداع والمكر - كذلك الامم التي لم تفتح ولكنها تعادى الاسلام والمسلمين اما عداوة دينية واما عداوة دنيوية لانها كانت تملك جزءاً عظيماً من افريقية زو آسيا فجلاها عنها المسلمون فهذه أيضاً كانت تقاوم المسلمين بالحيلة والمكر و الدهاء.
كان في هؤلاء وهؤلاء علماء اجتماع يعلمون أسباب رقى الامم وأسباب انحطاطها وقد درسوا الامة الاسلامية فرأوا أن أهم الاسباب في رقيها يرجع الى الاخوة الاسلامية، فقد كان في العرب قبل الاسلام فضائل الامم البدوية من الشجاعة وعزة النفس والحرية والمخاطرة بالنفس، وكان السبب في وجود ذلك فيهم البداوة وعيشتهم التي كانت مبنية على الغارة والسلب، فكانوا مضطرين الى تعلم الحرب ومعرفة كيف يدافعون عن أنفسهم، وكيف يغيرون على غيرهم، وقد مكن لخلق الشجاعة فيهم أنهم لم يملكوا فلم تضعف شجاعتهم معاناة التسلط عليهم، ولم يفلّ حدّهم ظلم ولا استبداد، فكانوا كالاسود الطليقة فيها ما فيها من قوة و شجاعة واباء - كل ذلك كان فيهم، ولكنهم لم يكن لهم تاريخ لان شجاعتهم كانت عليهم لا لهم، فكانوا غير مترابطين: يعادى بعضهم بعضاً، ويغير بعضهم على بعض، فلما جاء الاسلام أراد أن يحول هذه القوة وهذه المقاومة من الداخل الى الخارج، و علم أنه اذا وحّدهم وآخى بينهم، وجمعهم فلا أحد أعز منهم، فبث فيهم الاخوة الاسلامية، واستفاد من شجاعتهم الموروثة في دفع الاعداء وفتح البلاد، كل ذلك كان معلوماً للعلماء الباحثين فجعلوا الاخوة الاسلامية غرضاً يرمى، وسلطوا عليها نبالهم ليزيلوها أو يضعفوها فلا تؤتى نتائجها من التغلب والفتح والدفاع ومقاومة الغازين والمغيرين.