/ صحفة 8 /
منها تحريم صيد الحيتان على بني اسرائيل يوم السبت، وأحسب أن قوله تعالى: (تناله أيديكم ورماحكم) هو تعبير عن ظاهرة السهولة والكثرة التي سيراها المؤمنون المحرمون في الأنواع الصالحة للصيد بعد هذا التحريم، يشبه ما جاء في التحريم على أصحاب السبت، حيث يقول الله جل شأنه (إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا، ويوم لا يسبتون لا تأتيهم) وسواء أكانت هذه الكثرة وتلك السهولة نتيجة لما يشعر به حيوان البحر والبر من الأمن شعوراً طبيعيا فطريا يجعله يرتاد هذه الأماكن منطلقا غير محتاط ولا منزعج، أو كان ذلك عن تدبير الهي خاص، فانه من العناصر اللازمة لاتقان الاختبار، وتهيئة الجو الصالح له.
الاحرام فترة سلام:
ولا ينبغي أن يفهم مما ذكرناه أن الامور التعبدية لا حكمة لها الا هذا الامتحان والاختبار؛ فقد يكون لها حكم خفيت علينا، وقد تظهر هذه الحكم في بعض الاحيان أو تلتمس كما لو قال قائل في موضوعنا هذا، الذي هو تحريم الصيد على المحرم: ان الحكمة في ذلك هو أن يكون هذا الظرف مطبوعا بطابع السلام الشامل حتى على الحيوان، فالاسلام يمنع المحرم من الاعتداء على الحيوان كما يمنعه من الاعتداء على الاتسان، ليجعل من ذلك فرصة كاملة لحقن الدماء، والركون إلى السكينة والأمن والمطأنينة، ولو لفترة موقتة، فلعل الناس إذا ذاقوا لذة الهدوء أحبوه فطلبوه وتياسروا من أجله بعد العسر والشدة، والاسلام لا يقصر هذا السلام على أحد من الناس دون غيره، فالاصدقاء والخصوم فيه سواء، وكذلك لا يقصره على نوع من الحيوان، بل يجعله سلاما شاملا الا لما كان مؤذيا ضارا لا يحتمل ضرره وأذاه. فلو أن قائلا قال ذلك لما كان مبعداً، غير أن الاساس والأصل هو ما ذكرناه وما يوحى به التعليل في قوله سبحانه: (ليعلم الله من يخافه بالغيب).
تأكيد حرمة الحيوان في هذه الفترة:
ومما يبدو في هاتين الآيتين أن الشارع يعطى لهذه القضية ـ وهي قضية نشر