/ صحفة 60 /
أما البحث الالهي الديني، وأما البحث الفلسفي الميتافيزيقي، فكلاهما في رأي (كومت) عديم الجدوي. الدين وفلسفة ما بعد الطبيعة خرافة يجب أن يبعدا من دائرة الثقافة.
والفرد اذن تبعاً لهذا المذهب هو الأمر (الواقع)، هو الحقيقة (الوضعية). ولذا يجب أن تتجه النظرة الباحثة إليه أولا. ثم من هذا الفرد يحدث الترقي والتطور، ويحدث تحديد المصير لحياة الجماعة كلها.
الفرد أولا، والجماعة ثانياً، هما الحقيقتان الموجودتان، واحداهما مبدأ، والأخرى غاية. تلك نظرة المذهب الواقعي، أو الاتجاه المادي.
وهذا على عكس الدين تماما: إذ في الدين يبدأ تحديد المصير للكون كله من الموجود المطلق وهو الله. ثم إليه تعالى ينتهى هذا الكون. فالله في الدين هو الأول والآخر. والفرد والجماعة الإنسانية تتلقى التوجيه من الوحي السماوي. وتوجيه البشر قاطبة في نظر الدين اذن توجيه تلقائي، وليس منبثقا مما يسمى الحقيقة الأولى المشاهدة في هذا العالم، وهي الإنسان الفرد ـ كما يقول الإنسان المادي ـ.
وهذا على عكس الدين تماما: إذ في الدين يبدأ تحديد المصير للكون كله من الموجود المطلق وهو الله. ثم إليه تعالى ينتهى هذا الكون. فالله في الدين هو الأول والآخر. والفرد والجماعة الإنسانية تتلقى التوجيه من الوحي السماوي. وتوجيه البشر قاطبة في نظر الدين اذن توجيه تلقائي، وليس منبثقا مما يسمى الحقيقة الأولى المشاهدة في هذا العالم، وهي الإنسان الفرد ـ كما يقول الإنسان المادي ـ.
والمذهب المادي والدين طرفان متقابلان تماما في النظرة إلى الوجود، وفي توجيه الإنسان فرداً وجماعة: ذاك يقصر الحقيقة على الفرد والجماعة، وينكر ما عداهما كمصدر للتوجيه، وكغاية للحياة. وهذا يؤمن بموجود أسمى وراء الفرد ولجماعة، وهو الله، منه التوجيه، وفيه تتحق الغاية الأخيرة للحياة الإنسانية والوجود الإنساني.
والمذهب المادي في تطوره ـ وهو المذهب الواقعي أو الوضعي، أو مذهب التفسير المادي للتاريخ ـ صار إلى المذهب الاجتماعي أو المذهب الشيوعي: وقوام هذا المذهب نقل قيمة الفرد كلية من ذاته إلى (وحدة) الجماعة الكبيرة،