/ صحفة 48 /
إلى الغاية،، وجعلوا السابق الذي يرد (ذات الاصاد) ولكن حملا وضع كمينا من فزارة أثناء الطريق، وأمرهم أن يردوا وجه داحس عن الغاية ان جاء سابقا. ثم أرسلوهما. فلما دنوا وقد برز داحس، وثب الفتية الفزاريون فلطموا وجهه، فردوه عن الغاية. فقال قيس: يا حذيفة اعطني سبقني، فتماريا واستيقظت الفتية، فكذلك كانت حرب داحس والغبراء المعروفة.
قلت: بل المجهولة، فما كان مؤرخو الحروب الإنسانية ليعنوا بداحس والغبراء، وحمل بن بدر، وأخيه حذيفة، وقيس بن زهير، وجفر الهباءة، وما شئتم من آبار وأماكن وخيل وابل وآدميين، اضطربوا في صحراء العرب منذ أربعة عشر قرنا، فلم يسترع مضطربهم (المعسكر الشرقي) ولا (المعسكر الغربي) اللذين كان اليهما مصير الأمور حينذاك. أفليس في تاريخ الإنسانية القديم ما يشغلكم عن بني عبس وبني فزارة؟ بلي وان فيه لأحداثا لعلها مقدمات لتلك التي نعالجها في عصرنا الحديث، ومتى صح هذا ـ وهو صحيح ـ فقد يكون من المفيد أن نربط الغابر بالحاضر. وقد يكون من هذا الربط مصلحة اجتماعية، أو عبرة لمن شاء أن يعتبر.
قال: وهل تحسبني مؤمنا بتاريخ الإنسانية هذا الذي تريدني على أن أصل حاضرة بماضيه، وأن أعتبر بما جرى فيه؟ هل تعرف أساطير الأولين؟ لقد أربت عليها أساطير الآخرين. فتجمع من هذه وتلك ما شئت من ترهات وخرافات ومفتريات هي ما تسمونه تاريخ الإنسانية.
قلت: لست أدري، أأنبأتكم في حديث سلف أن رأيكم في التاريخ لا يعدو أن يكون رأي (أناتول فرانس)؟
قال: ولست أدري أأنبأتك فيما سلف أن لا يعنيني أن يقع حافري على حافر (أناتول فرانس) أو أي حافر دب في القطعة الغربية من الكرة الأرضية. وان فكرتي لذاتية فطرية لم تطعم بثقافة لاتينية ولا سكسونية؟
قلت: فهل من الأمور الفطرية أن تكفروا بالوثائق التاريخية؟ وإذا كان