/ صحفة 42 /
الشيخ الطوسي اثنى عشر دينارا كل شهر ليمكنه من التفرغ للتحصيل والتعليم وقد ذكره في الفهرست بما هو أهله من التقدير دون أدنى مبالغة، وأورد الكثير من أسماء مؤلفاته في علم الكلام والفقه وأصول الفقه، والأدب والنحو والشعر ومعاني الشعر، واللغة والمسائل، ثم قال: (قرأت هذه الكتب أكثرها عليه، وسمعت سائرها يقرأ عليه دفعات كثيرة).
وفي عامي 448 و449 تعرضت بغداد لأزمات كثيرة، لعلها نتيجة لما حل بالبلاد من قحط وغلاء ووباء، وكثرت الفتن ونهبت الدور، ولم ينج الشيخ الطوسي من هذا البلاء، فنهبت داره وكتبه عدة مرات.
ومما فقد في هذه الفتنة كرسي اعتاد أن يجلس الشيخ عليه للكلام والتدريس وكان قدمه إليه الخليفة العباسي القائم بأمر الله اعترافا بمنزلته، وتقديراً لامامته بين علماء العصر من جميع الطوائف، ولا شك أن في تقدير الخليفة وهو على مذهب السنة لشيخ الشيعة ما يشهد للخليفة نفسه بسعة الأفق والانصاف، وبلغ قبول أهل السنة له أن اعتبره بعض مؤرخيهم من أعلام السنة على نحو ما فعل السبكي، إذ عده في طبقاته من علماء الشافعية.
ولم يجد الشيخ بداً من مغادرة بغداد والمهاجرة إلى مشهد الامام علي بالنجف، حيث قضى بقية حياته في التدريس، فكان بذلك مؤسساً لمركز التعليم الشيعي الغنى عن التعريف. وتوفى في جوار الامام ودفن بداره هناك حيث أقيم له مسجد بجوار المشهد لا يزال بفضل الصيانة والتجديد باقياً حتى الآن معروفاً بمسجد الطوسي.
وقد ألف الشيخ الطوسي كثيراً من الكتب، ذكر هو نفسه جملة منها في كتابه (الفهرست)(1)، وله غير ما ذكر كتب أخرى، لعله ألفها بعد انتهائه

ــــــــــ
(1) فهرست كتب الشيعة نشره ألويس اسبرنكر التيرولى ومولوي عبد الحق ومولوي غلام قادر، كلكته سنة 1854 ـ 1855. والأخطاء في هذه الطبعة كثيرة، وللكتاب طبعة ثانية أصح، وعليها نعتمد واليها نشير وهي بتصحيح السيد محمد صادق آل بحر العلوم، النجف سنة 1356 هجرية (1937 م) ص 159 ـ 161.