/ صحفة 382 /
وجماعة سموا هواهم سنة لجماعة حمر لعمري مؤكفة
قد شبهوه بخلقه فتخوفوا شنع الوى فتستروا بالبلكفة
وليست الأشعرية في كتبهم بأحسن مجاملة للمعتزلة ولا بأعف لفظا وهكذا بقية الفرق، فلا عجب إذا حَمّلنا علماء كل فرقة نصيباً مما كان من فُرقة بين المسلمين.
هكذا ترك علماء المذاهب الخلاف والفرقة والبغضاء تدب إلى المسلمين دون أن يعملوا على إزالتها، ودون أن يعالجوها، مع أنهم كانوا يرون أن عواقب ذلك مخيفة محزنة وهذا هو التاريخ يروي أن الخلاف ـ حتى بين أتباع المذاهب الأربعة الفقهية ـ كان له أثر سيء مع أنه من أهون الخلافات لأنه خلاف في الفروع العملية لا غير.
يذكر التاريخ أن الحنابلة من أهل جيلان كانوا إذا دخل إليهم حنفي قتلوه وجعلوا ماله فيئاً حُكمَهم في الكفار.
ويذكر أن بعض بلاد ما وراء النهر من بلاد الحنفية كان فيه مسجد واحد للشافعية وكان والي البلد يخرج كل يوم لصلاة الصبح فيرى ذلك المسجد فيقول أما آن لهذ الكنيسة أن تغلق! فلم يزل كذلك حتى أصبح يوما وقد سُدَّ باب ذلك المسجد بالطين واللبن، فأعجب الوالي ذلك، وقد شاع أن المالكية يقولون الشافعي، غلام مالك، الشافعية يقولون أحمد بن حنبل غلام الشافعي، والحنابلة يقولون الشافعي غلام أحمد بن حنبل، والحنفية يقولن الشافعي غلام أبي حنيفة، لأنه غلام محمد بن الحسن، ومحمد غلام أبي حنيفة، وقالوا لو لا أن الشافعي من أتباع أبي حنيفة لما رضينا أن ننصب معه خلافا، وقد صنف حنفي مناقب أبي حنيفة فافتخر فيها بأتباعه كأي يوسف ومحمد وابن المبارك، ثم أنشد يعرّض بباقي المذاهب:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
هذا كدعوى الجاهلية